وشيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله في
الجواب الصحيح وفي
منهاج السنة يأتي بمثال عجيب جداً، حتى أحياناً إني والله أقرأ الموضوع وأقول: رحم الله
شيخ الإسلام ما أظن خطر على بال
النصارى هذا المعنى الحق، أو ما أظن خطر على بال
الشيعة هذا المعنى الحق، ولكن غاية الإنصاف يقول: إن كانوا يريدون كذا وكذا، ثم يأتي بالمعنى الباطل ويبينه، فهو من سعة عقله وتفكيره يجد أن هذا القول يحتمل مثلاً عدة احتمالات، بينما الذين قالوا به من أهل الضلال لا يعنون به إلا معنى واحداً، لكن وما يدريك أن يأتي فيهم ذو عقل وذو فكر ولو بعد حين فيقول:
ابن تيمية متحامل، إنما كان قصد قومي كذا، ويأتي بمعنى غير مذموم، فيكون
شيخ الإسلام رد على ما رأى هو، فيكون قد استقصى رحمه الله الوجوه العجيبة المحتملة وردها وبينها جميعاً، ويأتي المنصف فيقرأ ويشهد أن هذا حق، وأن هؤلاء لا يريدون إلا الحق، وليس أحد أحب إليه الحق والعدل والإنصاف من
أهل السنة ، ولهذا لا يخافون من أي مناظر، ولذلك لو جاء واحد وكان معه الحق، فتقول: الحمد لله، الآن نرجع عما كنا نقوله ونقرره بمقتضى الدليل الذي جاء به، وهذا أحب إلينا من أن نلقى الله على باطل، ولا نتعبد بباطل ولا بخطأ ولا ببدعة، فأيما حق جزئي وجد عند أي طائفة من أهل البدع، أو عند أي أمة من أمم الأرض، وأيما شيء من الحق أو الحكمة فهو ضالتنا، ونحن أولى الناس به، ونحن نحرص ونبحث عنه ولا ندعه أبداً، لكن صاحب الهوى يخاف أن بنيانه الذي بناه إذا زحزح منه لبنة يقع به؛ لأنه على شفا جرف هار فينهار به فينتهي كل شيء، ولهذا يقفلون أبواب السماع كما فعل قوم نوح، وكما يفعل كثير من أهل الغي والباطل الذين لا يريدون أن يسمعوا الحق، ولا يريدون أن يتقبلوا الحق ممن يعرضه عليهم، ونحن مع هذا العدل والإنصاف والعمل بما أمر الله تعالى به لا نقر الاجتماع على الضلال، ولا حتى على الخطأ الاجتهادي، بل نحرص أن نجمع الأمة، ونجتهد في ذلك وندين الله تعالى به، حتى تجتمع الأمة على الكتاب والسنة، وعلى القول الراجح الصحيح في الأمور الاجتهادية العملية، وهذه هي القضية الأولى، أي: ما ينشأ من الخلاف هو العدوان.