المادة    
إن أول من ابتدع هذه الخطة الخبيثة هم اليهود الذين كانوا في أمريكا، وبالذات في أيام الرئيس روزفلت، ثم من بعده حين نشبت الحرب العالمية الأولى، وتعرض اليهود أيام هتلر للضغط، وهم أهل لذلك.
وأما جورج واشنطن الذي أسس الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كتب وثيقة ما تزال محفوظة في أمريكا وموجودة إلى اليوم، يحذر أبناء أمريكا من دخول اليهود إلى أمريكا، يقول: إذا أردتم أن تبقى لكم هذه البلاد بخيراتها وبطيبها وبحياتها، وتعيشوا حياة حرة وسعيدة -إلى آخر ما أوصاهم به- فلا يدخل يهودي إلى هذه البلاد... والوثيقة لا تزال محفوظة ومعروفة عند الأمريكان.
لكن اليهود بعد ذلك دخلوا وعبثوا بـأمريكا وبغيرها.
فحين اشتد تأثير اليهود على السياسة الأمريكية ولا سيما أيام روزفلت، ثم من بعده، وبلغت ذروتها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في أيام إيزنهاور، الذي كان قائداً لجيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.. في ذلك الوقت برزت الشيوعية كقوة دولية كبيرة، وقد كادت أن تسيطر على العالم، ولم يكد يبقى بلد في العالم إلا وفيه حزب شيوعي يخطط لكي يسيطر على ذلك البلد، وأعلن الشيوعيون في كل مكان أن الشيوعية هي دين المستقبل، وأن الوصول إلى الشيوعية أمر حتمي، بمعنى: أنه ليس هناك أي فكاك ولا فرار من ذلك، بل هي قدر مقدر على كل الأمم، وقد كانوا يخططون في الستينيات ألاّ يأتي عام (1970م) إلا وقد أصبح العالم كله تحت قبضة الشيوعية، والتي كان عدوها الأول الرأسماليين الأمريكان، واليهود هنا وهناك يربحون من الطرفين، فالمجلس السوفييتي الأعلى كان أكثر من ثلثي أعضائه من اليهود في تلك الأيام.
إن العداوة بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي بدأت منذ ظهور الفكر الاشتراكي الذي كانت تسيره مطامع كبيرة في فرض سيطرته على العالم، وحين خافت الولايات المتحدة الأمريكية من الإلحاد الشيوعي، تبنت -وتبنى اليهود من ورائها- تلك الدعوة الخبيثة التي تقول بتوحيد العالم المؤمن بالله -كما يزعمون- للوقوف في وجه الشيوعية .
وأول ما اهتموا به أنهم حلوا الخلاف بين اليهود والنصارى بطريقة مضحكة تثير السخرية لدى كل عاقل، فقرروا أن يعقد مجمع مسكوني -أي مجمع عالمي نسبة إلى المسكونة وهي الأرض- ويبرئ اليهود من دم المسيح، حتى تزول العداوة بين اليهود وبين النصارى.
لقد قال الله تعالى عنهم: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ))[التوبة:31]، وجاء في حديث عدي بن حاتم الذي أورده العلماء في تفسير هذه الآية، قال عدي: {يا رسول الله! ما عبدناهم، قال: أليسوا يحلون لكم الحرام ويحرمون لكم الحلال فتتبعونهم؟ قال: بلى، قال: فتلك عبادتهم} فهم قد غيروا في الشرائع، لكن القضية التي تثير السخرية أنهم غيروا أعظم قضية في دينهم، فلو أن أي إنسان استمع إلى إذاعة صوت الإنجيل من السودان أو الحبشة أو بيروت -وهي إذاعات كثيرة جداً- أو قرأ في الأناجيل؛ لوجد أن أكبر قضية في دين النصارى -التي يكررونها كل ساعة وكل حين- هي قضية صلب عيسى، وأنه قتل وصلب ليخلص الناس من الخطيئة -بزعمهم- ولهذا يقولون: تعالوا أيها الناس إلى الخلاص وآمنوا بيسوع! وهذا الكلام يكرر دائماً في إذاعاتهم، وهم يعلمون أن اليهود قد قبضوا على المسيح -كما في أناجيلهم- ومن ثم أخذوه وسلموه إلى القائد الروماني، وقالوا له: هذا يقول كذا في قيصر، ونحن من أتباع قيصر، وأشرفوا بأنفسهم على القتل، حيث جاءوا به في الليل وجاءوا بالمشاعل، واجتمعوا لصلبه، وبعد ذلك يبدأ النصارى بالنواح ووصف عملية صلب المسيح، وكيف رأته مريم المجدلية ... إلى آخر ما هنالك من كذب وافتراء، وقد قال الله وقوله الحق: ((وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ))[النساء:157].
ولذلك فإن كل نصراني في الدنيا هو أعدى عدو لليهود، ولما سيطر النصارى على الأندلس وأصبح اسمها أسبانيا، قتلوا وفتكوا بيهود الأندلس فتكاً ذريعاً، فهربوا إلى الدولة العثمانية، وأقاموا في مدينة سلانيك وما حولها، وهناك تجمع اليهود وخططوا للقضاء على الدولة العثمانية؛ لأنهم مجرمون قتلة ومصاصو دماء، لا عهد لهم ولا أمان ولا ذمة.
فكان النصارى يضطهدون اليهود أشد الاضطهاد؛ ففي القرون الوسطى، وفي تاريخ أوروبا كله، والباباوات يصدرون أوامرهم ضد اليهود في كل مكان، ومن العجائب التي هي أشبه بالنكتة أنه اجتاح أوروبا في القرن السابع عشر طاعون عظيم جداً فتك بأكثر الأوروبيين في جميع الدول، وقتل كثيراً منهم، وهم يسمونه: الوباء الأسود، وهو معروف في التاريخ الأوروبي، فأعلن البابا من الكنيسة في روما قائلاً: إن سبب هذا الوباء هم اليهود الذين قتلوا المسيح، والذين يأكلون الربا ويزنون.
ولو أخذت أي قاموس من قواميس اللغات الأوروبية، وبحثت عن كلمة (يهودي)، فإنك ستجد أن معناها: البخيل.. الجشع.. الديوث.. الكافر.. الملحد، وأكبر سبة تطلق على الإنسان الأوروبي والنصراني أن يقال له: يا يهودي، وهذه حقائق معروفة.
وفي عام (1963م) اجتمع رجال الدين النصارى وصدر قرار من القساوسة جميعاً بتبرئة اليهود من دم المسيح، وهذا دليل على سيطرة الصهيونية ؛ وسبب ذلك: أن اليهود قالوا: ليس لنا من حل للقضاء على النصارى وعلى المسلمين إلا بأن ندخل في دينهم، فدخل بعضهم في دين الإسلام، ومنهم عبد الله بن سبأ اليهودي، ودخل بعضهم في دين النصارى، فإن بولس الذي غير دين النصارى هو أصلاً يهودي اسمه شاؤول، وبعض خلفاء المسلمين كان لديهم أطباء يهود، حتى قيل: إن محمد الفاتح حين فتح القسطنطينية وهزم أوروبا أكبر هزيمة في تاريخها، دسوا له طبيباً يهودياً فقتله.
فكان من سياسية اليهود أنهم دخلوا في دين النصارى، وترقوا فيه، وحفظوا الأناجيل، حتى أصبح منهم البابا الأكبر، فهو في الباطن يهودي، وفي الظاهر نصراني، وتتلقى الكنائس في أنحاء العالم توجيهاتها منه، ويبعث بالمبشرين إلى كل بلاد العالم، وقد استطاعوا أن يشغلوا مناصب مهمة كالقساوسة الكبار -برتبة كاردنال- فعند ذلك وضعوا هذه الخطة، وبرءوا اليهود من دم المسيح، وأعلنوا قيام جبهة عالمية موحدة ضد الشيوعية، وقالوا: الآن ننسى الخلافات التي بيننا كيهود ونصارى؛ لنقف صفاً واحداً ضد الشيوعية، فهم -علناً- ضد الشيوعية، وفي السر يقفون ضد العالم الإسلامي، وضد المؤمنين الحقيقيين.
ولما كانت المجتمعات الإسلامية في تلك الأيام تخاف على نفسها من الشيوعية، فقد خضعت هذه المجتمعات لضغط النصارى واليهود في إنشاء مجالس عُليا لمحاربة الشيوعية، بحيث يكون هناك تنسيق بين هذه المجالس، وبين هذه المنظمات، ويكون هناك حوار -يسمونه الحوار المسيحي الإسلامي- ليقف المسلمون والنصارى معاً ضد الشيوعية.
وقد قامت في أندونيسيا -وهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان- ثورة شيوعية كبيرة جداً، وحكمها الشيوعيون عدة أيام، ولكن قضي عليها، كما كادت أن تسيطر الشيوعية في السودان بسبب الانقلاب الشيوعي، الذي لم يستمر سوى ثلاثة أيام، ثم قضي عليه، وحدث مثل ذلك في بعض الدول الأخرى، وكانت الشيوعية في الفترة (1380-1390) تهدد كل البلاد الإسلامية، مما حدا باليهود والنصارى إلى استغلال تلك الأوضاع لطرح مسألة التوحد بين المؤمنين بالله ضد المنكرين لوجود الله، الذين لا يؤمنون بالله، فحقق اليهود والنصارى مكاسب عظيمة، تمثلت في القضاء على الشيوعية في الاتحاد السوفييتي، والتي تحولت إلى نوع من رأسمالية الطبقة الحاكمة لا أقل ولا أكثر! وقضي على زعماء الشيوعية الكبار في العالم، وبقيت المكاسب الأهم التي يريدها اليهود والنصارى من الترويج لهذه البدعة الملحدة، وهي تخدير المسلمين لئلا يلتفوا حول كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، ولئلا يثيروا الأمة الإسلامية لمعاداتهم؛ لأنهم يعلمون أنهم إذا عادتهم الأمة الإسلامية، فإنه لن يقف في وجهها أحد، وهي أشد خطراً عليهم من الشيوعية، ومن كل داء يمكن أن يتصوروه، ومن كل عدو يمكن أن يحاربوه، كما يرون أن إسرائيل لها الحق في الوجود على أرض المسلمين؛ لذلك رأوا ضرورة إقصاء مسألة الدين تماماً من المعركة؛ حتى لا تكون المعركة بين يهود ومسلمين؛ حتى إن أمريكا سمت القضية قضية الشرق الأوسط، لتوحي بأنها مشكلة جغرافية، وليست دينية.
وصارت أمريكا -والغرب الصليبي كلهم كذلك عموماً- تقف إلى جانب دولة إسرائيل بكل وقاحة في كل قضية، وفي شتى المحافل، ويصوتون بالفيتو ضد أي قرار يتعارض مع مصلحة دولة إسرائيل.
المقصود: أن المؤمن بالله هو من كان من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن كان يؤمن بالله الذي أنزل هذا القرآن وعمل به، أما أن يؤمن اليهود بعزير، ويؤمن النصارى بالتثليث وبعبادة الصليب، وبأن عيسى ابن الله، ثم يقولون عن أنفسهم: إنهم مؤمنون بالله. فنقول: بل هذا هو عين الكفر ورأس الضلال.
إن محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخرج بالناس عام تبوك في ساعة العسرة وفي ذلك الضيق والشدة، إلا ليحارب النصارى، كما أخرج من المدينة يهود بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة، وحاربهم، فكيف يكون اليهود والنصارى مؤمنين؟! وكيف نعتبرهم من المؤمنين بالله وهم أعدى أعداء الله؟! وهم الذين قال الله لرسوله فيهم: ((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ))[البقرة:120]؟! إن هذا من المستحيلات، وهو أكذب الدعاوى، ومن ظن أنه يمكن أن نلتقي نحن واليهود والنصارى على كلمةٍ سواءٍ غير التوحيد وغير الإيمان؛ فهو مثلهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لزعيم النصارى هرقل يقول له: {من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، أما بعد: أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، و: (( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ))[آل عمران:64]}.
إذاً نحن المسلمون وهم الكافرون، هذا هو دين الله، والكلمة السواء هي التوحيد، أما أن نجتمع مع من يقول: إن عيسى ابن الله، أو إن الله ثالث ثلاثة، فهذا كفر وضلال، وتكذيب لرب العالمين ولخاتم المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، ومن كان يدعو إلى هذا، فإن من أهدافه أن ينتشر التنصير في بلاد المسلمين؛ لأننا إذا أقررنا أنهم على شيء، فلماذا لا نفتح لهم كنائس في بلادنا وإذاعات ليدعوا إلى عقيدتهم بكل حرية؟! ثم يأتي من ينسب إلى الإسلام ليقول: أحبابنا وإخواننا النصارى، وإخواننا الأقباط.. ومتى كانوا إخواننا؟!!