المادة    
قال رحمه الله: [وقد ذم الله تعالى أهل الكتاب الأول على هذه الصفات الثلاث، وقص علينا ذلك من خبرهم؛ لنعتبر وننزجر عن مثل طريقتهم، فقال تعالى: (( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ))[البقرة:75]]. فهذا هو الأول، وهو تحريف الكلم عن معناه بعد أن عقل معناه وعرفه، فحرفه وصرفه إلى معنى آخر، ثم قال: [إلى أن قال: (( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ))[البقرة:78]. والأماني: التلاوة المجردة ..] الأمنية في اللغة هي القراءة، يقال: تمنى، أي: قرأ وهذه تفسر لنا قوله تعالى: (( إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ))[الحج:52]، أي: إذا قرأ ألقى في قراءته، وبالتالي فالأماني قراءة.
إذاً: النوع الأول: من أهل الكتاب من يحرف الكلام أو الكلم بعدما عقلوه.
النوع الثاني: من لا يعرف إلا القراءة فقط، ولا يدري ما معناها، وهؤلاء هم المفوضة ، فهو يقرأ قراءة ليس لها معنى، وهذا أيضاً فيه شبه بأهل الكتاب، وهو متابع وموافق لأهل الكتاب.
ثم قال رحمه الله: [ثم قال تعالى: (( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ))[البقرة:79]].
النوع الثالث: أن يكتب أو أن يكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقول: هذا هو دين الله، وهذا من عند الله، وهذا الذي أمر الله به، والله تعالى لم يأمر به، ولم يأذن به، ولم ينزله، ولم يشرعه، يقول: [فذمهم على نسبة ما كذبوه إلى الله وعلى اكتسابهم بذلك، فكلا الوصفين ذميم: أن ينسب إلى الله ما ليس من عنده، وأن يأخذ بذلك عوضاً من الدنيا مالاً أو رياسة، نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزلل في القول والعمل بمنه وكرمه]. أي: يقول: الوصفان كلاهما ذميم من أن ينسب إلى الله تعالى ما ليس من عنده، ثم يقول: هذا من عند الله؛ لأنه جاء الذم الآخر: (( لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ))[البقرة:79].
  1. ذم من حرف النصوص طلباً للدنيا