المادة    
لما ذكر المُصنِّفُ المراتب العشر للمحبة بيّن أنها لا تطلق كلها عَلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنما يطلق ما ورد، فقَالَ: [واعلم أن وصف الله تَعَالَى بالمحبة والخلة هو كما يليق بجلال الله تَعَالَى وعظمته كسائر صفاته تعالى].
نثبت له أنه يُحب، ونثبت أنه اتخذ إبراهيم خليلاً، واتخذ محمداً صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خليلاً، لكن خلته تَعَالَى ومحبته تليقان بجلاله، لا تشبه خلة المخلوقين ولا محبتهم.
قَالَ: [وإنما يوصف الله تَعَالَى من هذه الأنواع بالإرادة، وبالود، وبالمحبة، وبالخلة] فالإرادة قد جاءت في الوحي كما ذكرنا في مبحث الإرادة ((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ))[النساء: 27] وهي بمعنى: يُحب ذلك، فهذه مرتبة من مراتب المحبة التي هي الإرادة فقد ورد النص بها في حق الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ووردت صفة الود ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)) [مريم:96] وصفة المحبة: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))[البقرة:222]، وصفة الخلة {إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً} هذه الأربع فقط هي التي يوصف بها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والسِّتُ الباقية لا يوصف بها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهي: الغرام، والصبابة، والعشق، والتتيم، والشغف، والعلاقة.