ثم هناك أمر آخر ننبه إليه؛ وهو أنه إذا كان هذا كذلك فهل البديل هو الفكر الأسطوري؟! يعني: هل نرجع إلى الفكر الأسطوري؟!عندما نعرض بعض الحقائق عن الفكر الأسطوري من كتاب:
بلاد ما بين النهرين الذي ألفه
دولابورت ؛ نجد أنه لا يمكن أبداً أن نعوِّل على هذا التاريخ، لا لأنه أسطوري فقط؛ بل أيضاً لما يقدم من معلومات لا تكاد تُصدق، مع أن العالم الآن بدأ يصدق بالأساطير أو بدأ يقترب من الأساطير أكثر من غيرها، أو يسد الفراغ بهذه الأساطير إلا من آتاه الله تعالى الوحي المحفوظ المعصوم، فإنه يسدُّ هذه الفجوات التاريخية الكبيرة بما هو حق, وبما هو قطعي, وبما هو موافق -والحمد لله- للفطرة، ويتمشَّى مع قوانين وسنن التاريخ والحياة. مثلاً: في صفحة خمس وعشرين يذكر أن العصر الأسطوري الذي اكتشف من خلال المكتبات الطينية الهائلة التي اكتشفت في جنوب
العراق ؛ يشتمل هذا على اثنتين وستين مرحلة من مراحل التاريخ؛ تضم مائتين وتسعة وخمسين ألفاً ومائتي سنة، لم يكن فيها ملك واحد -يعني: تبعاً لبعض الروايات- يقول: ثم يأتي عشرة ملوك -الملوك العشرة أو القرون العشرة- فيستغرق ملكهم أربعمائة واثنتين وثلاثين ألف سنة. من الطريف طبعاً ومن المهم جداً أن نعرف أنك إذا أردت أن تعرف مفاتيح أي حضارة في هذه البلاد فإن عليك أن تتعلم أولاً: اللغة العربية؛ فاللغة العربية تحل لديك مشكلات كثيرة، الأسماء كلها عربية؛ ولكنها تحرف عندما تترجم فينطقون (عا) كأنها (آ) مثلاً، والخاء وما أشبه ذلك من الحروف التي لا توجد في بعض اللغات الأوربية خاصة الفرنسية والانجليزية، المقصود أن المفاتيح هي اللغة العربية القديمة التي يسمونها السامية -وهذه لها حلقات إن شاء الله نخصصها -بإذن الله تبارك وتعالى- لنبين هذا.إنما المقصود هنا أن أحد الملوك على سبيل المثال حكم أربعة وستين ألفاً وثمانمائة سنة على ضوء ما يقوله التاريخ الأسطوري! يعني: كيف نُصدق هذا؟! ولا يهمنا أن نأخذ بهذا أو ما نأخذ بهذا! لكن المقصود هو أن العلم -الحديث وعلم الآثار - ظن؛ لكنه قريب من الحقيقة، ويتعامل مع حقائق من الموجودات والمشاهدات، ولدينا تاريخ أساطير مع مادة أيضاً غير قابلة بأن تُصدق، وتثير لدينا مشكلة.