القول بالتطور العضوي نتيجة لتطور الآلة التي يكتشفها
على كل ليس المراد المناقشة بالتفصيل، المراد هو إثبات أنها لا تقوم على أية حقيقة علمية في الواقع؛ بل هناك كلام نأسف أن يصدر عن مسلمين مثل السيد: محمد غلاب الذي أشرنا إليه في الحلقة الماضية عندما تكلم عن هذه القضية، لا يقول فقط: إن الإنسان تطور؛ بل يجعل التطور عملية تبادلية ما بين الآلة التي يكتشفها الإنسان، وما بين التطور العضوي للإنسان نفسه! بدون افتراض خالق ولا مدبر على الإطلاق.مثلاً يقول: الإنسان انتقل من مرحلة اليد المجردة إلى مرحلة الآلة، ثم يقول: إن الآلات نفسها أدت إلى تطور عضوي في الإنسان، فاستخدام اليد لأي غرض أدَّى أو أثر على شكل الجمجمة وحجم المخ وشكل الهيكل العظمي العام، وهكذا كل تطور عضوي يكون نتيجة لتطور حضاري يدوي والعكس أيضاً. ثم يقول: وهكذا سارت عجلة التطور البشري تطور عضوي -يعني: في اليد- يؤدي إلى تطور بشري وهو صناعة الآلات, وهذه الصناعة والتطور البشري المستحدث يؤدي بدوره إلى تطور عضوي جديد, وهو استواء الجمجمة على الهيكل العظمي واستدارة الجمجمة، كما أن اكتشاف النار وطهي الطعام وهو تطور بشري أدَّى -كما يقول- إلى صغر حجم الفك, وكذلك ظهور اللغة وضرورة التعبير بأصوات متنوعة على شكل معين على لغة معينة أدى إلى تطور الحبال الصوتية وتطور المخ أيضاً.إلى أن يقول: فالإنسان الصانع قد ساعد على تطور نفسه حتى انتهى إلى ما نطلق عليه الإنسان العاقل.وهكذا نجد أن مثل هذا الكلام -مع الأسف- كثير ورائج ومنتشر، الكلام بهذا الشكل لا يقول به إلا أشدُّ الدّاروينيين تعصباً في القرن التاسع عشر, أول ما اكتشفت النظرية, أو عندما بدأت الهواجس تدور حولها، أما الآن فهو أقرب إلى الخرافة والهراء عند علماء الأحياء والطبيعة والتاريخ عموماً.