السؤال: فضيلة الشيخ! طرح المشتركون أكثر من سؤال ومداخلة تتضمن اقتراحاً بإنشاء قيادة عامة للعلماء، تتجاوز مسائل الخلاف إلى الثوابت المتفق عليها؛ لتتوحد حولها الأمة, ولا بد من وضع هامش واسع للمسائل الخلافية أمام العامة, فما تعليقكم على هذا الاقتراح؟الجواب: لا شك أن هناك مطالب كثيرة, وأصواتاً ترتفع بضرورة أن يكون للأمة مرجعية, أو قيادة علمية, أو قيادة عامة, أو ما أشبه ذلك, وترتيب الأولويات -كما ذكر الأخ الكريم في سؤاله- هو أحد أهم أعمالها؛ لكن نحب أيضاً أن نوضح هنا أمراً مهماً؛ وهو أن بعض التعبيرات وبعض المصطلحات أو المطالبة بها قد تفهم على أوجه مختلفة, ومن ذلك مسألة المرجعية؛ فعندما نتحدث عن مرجعية أو عن قيادة ربما يفهمها البعض على الشكل المعمول به؛ بل قد صرح البعض بذلك كما هو موجود مثلاً عند طائفة
الشيعة , أو كما هو موجود عند
الكاثوليك وأشباههم, والبعض يظن أن من أسباب جمع كلمة الأمة واهتدائها أو ضرورة ذلك أن يكون لها هيئة أو مجمع يفتي فلا تختلف الأمة بعد ذلك. الحقيقة يا إخوان! أن الإسلام أرحب وأوسع من ذلك -ولله الحمد والشكر- فالمرجعية قائمة في كتاب الله, وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفي العلماء المجتهدين الذين لا ينضب منهم الزمان, وفي
الطائفة المنصورة وهي موجودة في كل زمان ومكان, ولكن قد تضعف أو تختفي! وهذا أمر له إيضاح فيما بعد إن شاء الله؛ لكن المقصود أن الأمر أوسع وأعظم من أن يقصر في فئة معينة. ونحن لا نشكك الآن في المطلب؛ لكن نبين أن الأمر أوسع منه، فنقول: هب أن ذلك وجد، فمن الذي يمكن أن يلزم الأمة؟ من يستطيع أن يقول: إنه لا يجوز لأحد أن يخالفه؟ هذا طبعاً أمر لا نملكه, ولا يزال المجال مفتوحاً والأمر واسعاً, والغاية تتجدد وتتغير وتتطور؛ ولذلك يمكن أن نطور هذه الفكرة -إذا أخذناها- بأن نجعلها دافعاً وحافزاً للتشاور المستمر بين المسلمين لتبادل وجهات النظر, ونترك موضوع الآلية والتنفيذ مفتوحاً, فآليات كثيرة يمكن أن تقوم؛ تكون على شكل أبحاث, أو على شكل حوارات في شبكات الإنترنت أو في غيره, أو على شكل لقاءات تصغر أو تكبر, أو على شكل لجان، أو على أي شيء يمكن أن يؤدي الهدف الذي هو ترتيب الأوليات، يعني: يمكن أن يتخذ في كل توجه وفي كل مكان وزمان أو في أي ظرف بما يناسبها؛ فنظل أقرب إلى رحابة الإسلام وسماحته, دون أن نفرط أيضاً في إيجاد الآلية الأفضل والأمثل لتحقيق هذا الهدف العظيم النبيل.