وحقيقة ينبغي من مقدمة نوضح بها بعض الشيء فيما يتعلق بتطور الدراسات الحديثة, والاستعانة بهذه الدراسات في فهم كثير من الأمور، فمثلاً: لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة سوف تتبع سنن من كان قبلها؛ فارس والروم في رواية، أو
اليهود و
النصارى في رواية أخرى، ونبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن النياحة من أمر الجاهلية، ونهى عنها، وجعلها من الكفر كما في الحديث: (
ثنتان في الناس هما كفر -وذكر منها- النياحة على الميت). أقول: لما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن هذا من أمر الجاهلية، ومن أمر الأمم قبلنا، فهو أنار لنا الطريق لكي نستعين بالعلوم الحديثة التي بحثت تاريخ الأمم وأحوالها, وقارنت بين الشعوب في العادات والثقافات والتقاليد، ونرى حقيقة ذلك كما أخبر بها صلى الله عليه وسلم.الواقع أن العلم المختص بهذه القضايا هو ما يسمى: علم الأنتربولوجيا؛ وهو ما يمكن أن نسميه العلم الذي يقوم بدراسة ثقافات ومعتقدات الشعوب, والمقارنة بينها, وبالتالي تكون هذه المقارنات لها نتائج عجيبة جداً في معرفة العقائد: كيف تطورت أو كيف تغيرت. في الفكر العلماني أو الفكر اللاديني ربما تكون هناك أخطاء كثيرة جداً؛ نتيجة أنها معزولة عن الوحي, ومعزولة عن أصل فطرة التوحيد التي فطر الله تبارك وتعالى الناس عليها، لكن نحن في الفكر الإسلامي القائم على الكتاب والسنة نستطيع أن نحدد ونجد المعلومات الصحيحة, ونميز ذلك من الخرافات أو الافتراضات التي يفترضها علماء الأنتربولوجيا أو غيرهم.