المادة    
ونجد أن الأبجدية أو الحروف بدأ بها من هناك, وهي قبل ألوف من السنين عن بداية اكتشاف ما ينسب إلى الحضارة اليونانية، يعني: في إمكاننا لو جمعنا كل اللغات الآثارية القديمة -مثلاً: اللغات الآكادية.. اللغات السريانية والآرامينية, اللغة العبرية.. اللغة العربية- نستطيع أن نقول: إن اللغة العربية هي الأساس، وأنك من خلال المعاجم العربية الموجودة الآن بين يدي طالب اللغة العربية -سواء كان عربياً أو غير عربي في العالم- من خلال هذه المعاجم: تستطيع أن تقرأ وأن تفك أي رمز من الرموز القديمة؛ بأسهل بكثير من أن تفترض أبجدية أخرى أو لغة أخرى.
على سبيل المثال: نجد أن الحضارة المصرية أو ما يسمى بالحضارة الفرعونية ذاتها نجد أن كوستاف جيكي وهو من المؤلفين لتاريخ المدنية المصرية يقول: إن سكان مصر القدماء جاءوا إليها من جزيرة العرب قبل ستة آلاف سنة، وإن الأسر الفرعونية الأولى هي من هؤلاء القادمين.
وهذا يتطابق مع ما يوجد في المصادر العربية من تسمية الفراعنة كما في كتاب: المحبّر ؛ فنجد أن الفراعنة أنفسهم القدامى يسمون فيقال: إن فرعون إبراهيم اسمه كذا مثلاً, وفرعون يوسف هو الريان، وفرعون موسى عليه السلام اسمه الوليد بن مصعب! يعني: أسماء عربية ثم مع الزمن تتغير، كما قال الدكتور أو العالم أحمد كمال : أصل اللغة المصرية هو أصل اللغة العربية؛ لكن التغييرات التي طرأت على اللغة المصرية هو مثل أي تغيير يكون نتيجة القلب أو الإبدال أو اللغة عندما تستخدم في حالة التعامل مع الأجانب.
ولذلك أصبحت توضع جداول الآن بالمقارنة بين اللغة المصرية أو اللغة الفرعونية أيام الفراعنة وبين اللغة العربية القديمة، فنجد أن هذه أسهل طريقة لفك الرموز.
كذلك في بلاد الرافدين -وقد أشرنا وألمحنا إلى نماذج من ذلك- تجد أن اللغة العربية القديمة هي التي يمكن أن تفكك وأن تحل هذه الرموز، بمعنى آخر: أن هذه شعوب عربية قديمة، قد تنتمي للعرب العاربة أو العرب الهالكة من مثل عاد وثمود وطسم وجديس والعماليق وأشباههم، وأن هذه الأمم تناسلت وتكاثرت ثم اختلطت بالشعوب الأخرى أو بالحضارات الأخرى، في شرق البحر الأبيض المتوسط أو في جنوبه، ونتج عن هذا الاختلاط حضارات جديدة أخرى مدمجة مختلفة، لا يمنع أن تنشأ لغات بعد ذلك أخرى؛ ولكن المقصود هو أنك بإمكانك الرجوع إلى الأصل العربي الموجود الآن حالياً، أو في إمكان أي باحث علمي أن يرى تلك الحقيقة، وليس في إمكان أي باحث آخر أن يأتي إلى اللغات القديمة إلا من هذا الباب إلا بتعسف.
عندما ننظر ونقول: إن اللغة العبرية جُعلت مدخلاً؛ لأن الباحثين اليهود بالذات ركزوا على أن يسموا هذه الشعوب: الشعوب السامية, وأن يجعلوا ما في التوراة هي المرجع الوحيد والأصيل لأبحاثهم، وهم كثرة كاثرة, وتكلم عن هذا عدد كثير منهم طه الباقر و محمد عزت دروزة في تاريخ الجنس العربي , وغيرهم من الباحثين، أكدوا أن هؤلاء متعصبون, وأن نظرتهم متعصبة وسياسية ومؤدلجة.
في إمكاننا أن نثبت أو أن نؤكد هذه النظرية من خلال قصة مشهورة عن بعض الباحثين الذين يأتون لبلاد اليمن ، عندما يأتي إلى بلاد اليمن وينقبون بالخط المسند، يحاولون أن يفسروا أي كلمة أو أي عبارة بما يتفق مع التوراة ، مثل ما حصل مع وندل فليبس الذي كان دائماً يجد كلمة: علي -واسم علي معروف قديم في اليمن- فكان يترجم كلمة: علي بأنها: إيلي؛ فتصبح كأنها: الله! ويقول: هذه كلمة عبرية, وهذا دليل على أن بني إسرائيل عاشوا أو نشأوا في اليمن ، باعتبار كلمة: إيلي أو إيل كلمة عبرية.
فلننظر إلى هذه الكلمة نفسها (إيل) أو (إل) أو (إيلي) هي كلمة عربية قديمة وفصيحة، يعني: مستعملة أيضاً, وقد جاء في كلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه [لما قال له قوم مسيلمة : إنه نبي. قال: ائتوني بشيء مما يزعم، فأخذوا يقرءون عليه: والطاحنات والعاجنات.. إلى آخر الهراء. فقال: والله ما خرج هذا الكلام من إل]. من (إيل) أو من (إل), يعني: بمعنى من إله، أي: لا يمكن أن يكون هذا من كلام الله تبارك وتعالى.
وإلى الآن كلمة: (بعل) أو كلمة: (إل) في التاريخ القديم ممكن أن تفهمها أو أن تعرف كلمة عربية قديمة معناها الإله.
أشهر ما تذكر فيه هذه الكلمة هو طبعاً عندما ينسبون إلى المصلوب الذين يدعون أنه المسيح (( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ))[النساء:157], يزعمون أنه قال: إيلي إيلي لما شبكتني. ومعنى ذلك: يا إلهي! يا إلهي! لماذا شبكتني؟! يعني: لماذا أوقعتني في الشَّبَك.. أوقعتني في الفخ.
الجملة كلها عربية, وهي دلالة على لغة المسيح عليه السلام وبني إسرائيل -كما سنوضح إن شاء الله في لقاءات لاحقة - أن المسيح عليه السلام كانت لغته هي اللغة العبرية لا اليونانية ولا غيرها من لغة الأناجيل، العبرية التي هي فرع من اللغة العربية، وأن لغة إبراهيم عليه السلام كانت هي اللغة العربية كما قرر الأستاذ العقاد وغيره.