المادة    
قال شيخ الإسلام: "وهذه البشارة التي في التوراة لـهاجر بإسماعيل، وقول الله: "إني جاعله لأمة عظيمة ومعظمة جداً جداً، وإن هاجر فتحت عينها، فرأت بئر ماء، فدنت منها، ثم ملأت المزادة، وشربت وسقت الصبي، وكان الله معها ومع الصبي حتى تربى، وكان مسكنه في برية فاران"...
وفي موضع آخر قال عن إسماعيل: (إنه يجعل يده فوق أيدي الجميع)، ومعلوم باتفاق الأمم والنقل المتواتر أن إسماعيل تربى بأرض مكة، فعلم أنها فاران، وأنه هو وإبراهيم بنيا البيت الحرام الذي ما زال محجوجاً من عهد إبراهيم، تحجه العرب وغير العرب من الأنبياء وغيرهم، كما حج إليه موسى بن عمران، ويونس بن متّى، كما في الصحيح من رواية ابن عباس: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بواد بين مكة والمدينة، فقال: أي وادٍ هذا؟ قالوا: هذا وادي الأزرق، فقال: كأني أنظر إلى موسى صلى الله عليه وسلم هابطاً من الثنية، واضعاً إصبعيه في أذنيه، له جؤار إلى الله عز وجل بالتلبية، ماراً بهذا الوادي. قال: ثم سرنا حتى أتينا على ثنية، فقال: أي ثنية هذه؟ فقالوا: هوشي، فقال: كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراء، عليه جبة صوف، خطام ناقته ليف خلبة، ماراً بهذا الوادي ملبياً}. وفي رواية: {أما موسى فرجل آدم جعد على جبل أحمر مخطوم بخلبة ليف}.
ولما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم أوجب حجه على كل أحد، فحجت إليه الأمم من مشارق الأرض ومغاربها، والبئر الذي شرب منها إسماعيل وأمه، هي بئر زمزم".
وقد رويت قصة هاجر وظهور ماء زمزم، ومجيء إبراهيم عليه السلام، وسؤاله امرأة إسماعيل، في صحيح مسلم، والحديث طويل، وخلاصته: أن إسماعيل عليه السلام تزوج من جرهم، وتربى معهم، وأتقن لغتهم، فأصبح عربي اللسان، ثم جعل الله العربية الفصحى هي ما فتق الله به لسان إسماعيل عليه السلام؛ فإنه هذبها.
وعلى كلٍ فالمقصود هو أن الله سبحانه وتعالى جعل نسل إسماعيل الذي كان في تلك البرِّيَّة في فاران أي: في مكة معظماً جداً جداً، هذا كما في التوراة، وهذا هو الشاهد.
  1. التعظيم في البشارة دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

  2. دلالة جعله أمة عظيمة على أنها هذه الأمة