حصول الفرقة في عهد الصحابة وسببها
فهؤلاء اليهود والمنافقون كانوا كذلك في المدينة ، وذاك المهاجر عندما قال: يا للمهاجرين! والأنصاري قال: يا للأنصار! وسبب ذلك الوقيعة والدس من المنافقين الذين كانوا في المدينة، والذين أرادوا الفرقة بأفضل أمة، بل ما في أمم الدنيا أفضل وأشرف وأطهر من المهاجرين والأنصار، وهل هناك حواريون وأتباع أفضل من هؤلاء الحواريين والأتباع والأصحاب؟لا، ومع ذلك نزغ الشيطان بينهم، فقال هؤلاء: يا للمهاجرين! وقال أولئك: يا للأنصار! مع أنهما وصفان شرعيان، ولم يقل قائلهم: يا لقريش! يا للأوس! ويا للخزرج! وكانت جاهلية واضحة وعنصرية قبلية، وإنما تنادوا باسم الإيمان وباسم شرعي ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه، ومع ذلك قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم) فجعلها النبي الكريم دعوى جاهلية مع أنها أسماء شرعية، ولذلك التفرقة إن حملت اسماً أو لافتة شرعية فهي من دعوى الجاهلية، ولا يقول قائل: إن المسألة ترجع إلى حسن النية، إذ لا يوجد أحد أفضل وأحسن وأطهر نيةً من الصحابة أبداً، فهم إن تنادوا فهم يتنادون للحق لا للباطل أبداً.