يقول الشيخ رحمه الله: [فلا محذور فيه، سوى ما يحصل من عدوان إحدى الطائفتين على الأخرى والافتراق بسبب ذلك] إذاً نقول للشيخ: إذا كان الافتراق فيما هو حقيقي من أوجه الخلاف فهذا لا بد منه، فهل يجوز لـأهل السنة والجماعة أن يتنازلوا عن رأيهم، أو يتراجعوا عنه ويوافقوا مرجئة الفقهاء أو غيرهم على أمر يعلمون أنه حق، وموافق للنصوص، ويوافقون غيرهم فيما يعلمون أنه باطل، وأنه مخالف للنصوص الشرعية؟ لا يجوز أن يتنازل عنه كلية، وأن يترك الحق ويهمل ويغفل ويجتمعا على الباطل، وهذا الذي ذم الله تبارك وتعالى عليه أهل الكتاب، وواقع تاريخهم كذلك ولم يؤد إلى اجتماعهم، بل إلى فرقتهم، رغم أنهم كانوا يعقدون المجامع الدينية أو المقدسة، ويجتهدون أن يتفقوا على رأي واحد، وإذا كان مجمعاً محدوداً فإنه بحسب الطائفة أو المكان أو الإقليم، فإن كان مجمعاً عاماً سموه: الأراضي أو العالمي أو المسكوني نسبة إلى المسكونة، وهي مجمع أرضي يشملها كلها، ويقرون القرارات، ويحرصون على أن يجتمعوا ويتفقوا عليها، لكن الذي يحصل أنهم يتفرقون ويزدادون فرقة بعد كل مجمع تقريباً؛ لأنه ليس من سنة الله أن يترك الإنسان ما يرى أنه حق لمجرد الاجتماع، والمقصود في ذلك الدين والاعتقاد وما فيه نص، وليس المقصود مجرد الآراء والاجتهادات، إذ إنه ينبغي للمؤمن إذا كان مجرد رأي يقابل رأياً ألا ينازع بمجرد رأيه، فإذا رأى أن الأكثرية رأت رأياً فإنه يوافقهم في الأمور الاجتهادية، إذ ليس فيها نص، والأمر كله محض اجتهاد، وليس اجتهاد الأقلية بأولى من اجتهاد الأكثرية، وإنما القضية لها تفصيلها.