يقول: (ولهذا كان عمر رضي الله عنه يشاور الصحابة، ويناظرهم، ويرجع إليهم في بعض الأمور) ولم يقل عمر : أنا إنسان محدَّث كامل وملهم، وقد ألقى الله الحق على قلبي ولساني، وشهدوا لي أنهم كانوا يظنون أن ملكاً يتكلم من فمي؛ لم يقل: ما دام أن الأمر كذلك فأي قول أقوله فلا بد أن تأخذوه، ولا يعترض أحد، وأي أمر آمر به فعليكم أن تنفذوه، لم يقل ذلك أبداً؛ لأنه أفقه وأعلم بدين الله من أن يقول ذلك، فقد كان يشاور الصحابة مع أن له رأياً معيناً.
قال: (وينازعونه في أشياء، فيحتج عليهم ويحتجون) أي: ويحتج البعض على البعض بالكتاب والسنة؛ إذْ كان هو وهم مسلمين أن المرجع عند الاختلاف هو كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال: (ويقررهم على منازعته) أي: لم يكن يقول لهم: لماذا تنازعوني؟ ولماذا تعارضوني؟ ولماذا تأخذون من كلامي وتتركون؟ (ولم يقل لهم: أنا محدث ملهم مخاطب، فينبغي لكم أن تقبلوا مني ولا تعارضوني)؛ لأنه كان يعلم ويعلمون أن المحدث قد يخطئ.