ولما سئل علي بن أبي طالب (هل خصكم رسول الله بشيء من العلم؟ قال: لا)؛ وقد أظهر الرافضة هذا القول في عهده وهو ما زال حياً بأنه اختصهم بكتب خفية، وهي الكتب التي يظهرها الرافضة من زمان ويسمونها بـالجفر أو الجامعة أو غير ذلك؛ مما يدعون أن فيها العلم الباطن، والملاحم، وما يكون إلى قيام الساعة وغير ذلك.
فقال علي : [ لا والذي خلق الحبة، وبرأ النسمة! ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء إلا فهماً في كتاب الله، وما في هذه الصحيفة ]، فأخرج لهم صحيفة فيها: فكاك الأسير، وبعض الأحكام مثل: ألا يقتل مسلم بكافر؛ وذلك على روايات مختلفة رواها البخاري في أكثر من ستة مواضع من الصحيح.
فيقوله: (إلا فهماً في كتاب) أي: ليس لدينا علم زائد عن بقية الناس إلا أن يختصنا الله بفهم، فقد أفهم شيئاً لا يفهمه غيري من كتاب الله، كما فهم علي من قوله تعالى: (( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا ))[الأحقاف:15] أن أقل الحمل ستة أشهر؛ لأن الله قال: (( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ))[البقرة:233]، فإذا كانت الرضاعة حولين كاملين فإنها تكون أربعة وعشرين شهراً، فيبقى للحمل ستة أشهر، فهذا استنباط وفهم.