يقول: (والقائلون بتكفير تارك الصلاة ضموا إلى هذا الأصل أدلة أخرى) أي: الذين يرون تكفير تارك الصلاة لا يكفرونه لمجرد أنه تارك للعمل حتى يكونوا كـالخوارج ، وإنما ضموا إلى هذا الأصل المقرر هنا -أن تارك الصلاة مرتكب كبيرة- أدلة خاصة فيها التصريح بأن تارك الصلاة كافر كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر )، وقد سبق أن تحدثنا في هذا الموضوع كاملاً، وذكرنا الأدلة عليه، والمصنف رحمه الله تعالى يقول: ليست القضية إذاً مجرد ترك للعمل، أي: لولا الأدلة الأخرى الخاصة بتكفير تارك الصلاة لكان تارك الصلاة مجرد مرتكب لكبيرة من الكبائر، وبالتالي فلا يكفر بذلك، هذا ما قرره المصنف هنا، وفي الحقيقة أن أهل السنة والجماعة يرون أن ترك الصلاة كفر بإجماع الصحابة، وقد ثبت نقل الإجماع نقلاً صحيحاً عن الصحابة رضي الله عنهم من أكثر من طريق، وسبب ذلك أنها ليست كأي عمل من الأعمال، إذ إن من ترك الصلاة لم يقبل منه أي عمل سواها، وتارك الصلاة هو تارك لركن العمل، فهل تقبل منه زكاة وهو لا يصلي؟ وهل يقبل منه صيام وهو لا يصلي؟ وهل يقبل منه حج وهو لا يصلي؟ فإذا كانت الأركان لا تقبل فكيف ببقية الأعمال التي هي واجبات؟! فلذلك تارك الصلاة هو تارك لجنس ولركن العمل، ومن هنا فإنه لا يكون مؤمناً أبداً، لكن المقصود هو الترك المستديم، فمن كان يصلي مرة ويدع مرة أو يوماً أو أسبوعاً، فهذا حكمه حكم المنافق الذي يدخل في الإيمان تارة ويخرج منه أخرى، فإذا صلّى فقد أسلم حقيقة، وإذا ترك فقد كفر، وفي ظاهر الحال يُعامل الناس على الظاهر، فهذا يكون في ظاهره مسلم، لكنه في الحقيقة لو مات وهو في حالة الترك فإنه يموت على الكفر والعياذ بالله، وهذا من أسوأ أنواع سوء الخاتمة.