المادة    
ما حكم المعتزلة في من خالف الأصول الخمسة؟
يقولون: من خالفنا في هذه الأصول فهو إمَّا كافر وإما مخطئ، بحسب مخالفته لما في الأصل، أو في شيء من لوازمه، فمن خالف في التوحيد فأثبت لله تعالى الصفات التي يرونها تشبيهاً فهو كافر عندهم ولا يعدونه مسلماً، ومن خالفهم في مسألة العدل، وأثبت القضاء والقدر، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي قدر أفعال العباد، فهو كافر عندهم؛ لأنه خالفهم في مسألة العدل، ومن خالفهم في الوعد والوعيد فقال: قد لا يعاقب الله أحداً ممن توعدهم بالعقاب، فهو كافر؛ لكنهم يقولون: إن قال: إن الله تعالى وعد وتوعد، ولا يجوز أن يخلف في وعده ولا وعيده، فإنه مخطئ ولا نكفره.
فمن قال: إن الله لا يخلف الميعاد، لكن وعيده يجوز أن يعفو عنه، فيجوز أن يتوعد بالعقاب ثم يعفو، فيقولون: من قال بهذا فلا يكفر، بل هو مخطئ؛ لأنه يمكن أن يكون هناك استثناء لم يبين.
وأما من خالف في المنزلة بين المنزلتين فقال: إن حكم صاحب الكبيرة حكم عبدة الأوثان والمجوس -يعنون بذلك الخوارج - فإنه كافر، وإن قال: إن حكمه حكم المؤمنين فإنه يكون فاسقاً، فمن ذهب مذهب الخوارج فهو عندهم كافر، ومن ذهب مذهب أهل السنة في مرتكب الكبيرة فهو عندهم فاسق، وإن قال: ليس حكمه حكم المؤمن ولا حكم الكافر، لكن أسميه مؤمناً، قالوا: هذا مخطئ، لكن لو قال: إنه مؤمن ناقص الإيمان كما يقول أهل السنة والجماعة فهو عندهم فاسق.
وأما من خالف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال: إن الله لم يكلف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصلاً، فإنه يكون كافراً، فإن قال: إن ذلك مما ورد به التكليف، ولكنه مشروط بوجود الإمام، فإنه يكون مخطئاً، أي أن الروافض الإمامية عندهم مخطئون؛ قالوا: لأنهم يقولون: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروط بوجود الإمام، والمفروض أن يكون من غير هذا الشرط؛ فهم مخطئون؛ لأنهم لم يردوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل اشترطوا له وجود الإمام.