المادة    
يقول: [وهكذا العقل أيضاً، فإنه يقبل التفاضل -العقل والحكمة والبيان وكل ما هو من هذه المعاني- وأهله في أصله سواء، مستوون في أنهم عقلاء غير مجانين، وبعضهم أعقل من بعض] نقول: حتى هذا العقل -في الحقيقة- هل أهله في أصله سواء؟ فرق بين أن نقول: إنه غير مجنون، وبين أن نقول: إن أهله في أصله سواء، إذ ليسوا سواء، فمنهم من يكون في طفولته أعقل من كثير ممن قد بلغ أو كبر أو غير ذلك، كما تجد عند بعض الناس من العقل والتمييز أشياء لا تجدها عند من هو أكبر منه بسنوات مثلاً، إذاً ليس الناس في أصله سواء، بل الناس متفاوتون في العقل وفي الحكمة وفي الإيمان وفي الإخلاص وفي التقوى وفي العلم وفي كل هذه المعاني.
يقول: (وكذلك الإيجاب والتحريم، فيكون إيجاب دون إيجاب، وتحريم دون تحريم، هذا هو الصحيح، وإن كان بعضهم قد طرد ذلك في العقل والوجوب) أي: حتى في الإيجاب والتحريم، لا شك أن إيجاب التوحيد أعظم عند الله تبارك وتعالى من إيجاب الطاعات العملية مثلاً، وأن تحريم الشرك أعظم وأشد من تحريم المعاصي والموبقات مثلاً، وهكذا فكما يكون الأمر في العقل يكون أيضاً في الإيجاب في التحريم.
ثم يقول: (وأما زيادة الإيمان من جهة الإجمال والتفصيل، فمعلوم أنه لا يجب في أول الأمر ما وجب بعد نزول القرآن كله، ولا يجب على كل أحد من الإيمان المفصل مما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يجب على من بلغه خبره، كما في حق النجاشي وأمثاله)، وأما الزيادة بالعمل والتصديق فلها حكم آخر.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.