المادة    
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: أيها الإخوة المؤمنون! جعلني الله وإياكم من أوليائه المتقين. كنا قد وقفنا في الأسبوع الماضي عند قول الشيخ رحمه الله: (فهذه النصوص كلها ثبت فيها موالاة المؤمنين) ونكمل إن شاء الله تعالى بقية هذه الفقرة، والفقرة التي بعدها، وقد نقف عند الآية، والموضوع هو موضوع التفاضل في الولاية، أو درجات الأولياء. قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فهذه النصوص كلها ثبت فيها موالاة المؤمنين بعضهم لبعض، وأنهم أولياء الله، وأن الله وليهم ومولاهم. فالله يتولى عباده المؤمنين؛ فيحبهم ويحبونه، ويرضى عنهم ويرضون عنه، ومن عادى له ولياً فقد بارزه بالمحاربة. وهذه الولاية من رحمته وإحسانه، ليست كولاية المخلوق للمخلوق لحاجته إليه. قال تعالى: (( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ))[الإسراء:111] . فالله تعالى ليس له ولي من الذل؛ بل لله العزة جميعاً، خلاف الملوك وغيرهم ممن يتولاه لذله وحاجته إلى ولي ينصره). ثم قال: [والولاية أيضاً نظير الإيمان، فيكون مراد الشيخ أن أهلها في أصلها سواء، وتكون كاملة وناقصة؛ فالكاملة تكون للمؤمنين المتقين، كما قال تعالى: (( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ))[يونس:62-64] فـ(الذين آمنوا وكانوا يتقون) منصوب على أنه صفة أولياء الله، أو بدل منه، أو بإضمار (أمدح)، أو مرفوع بإضمار (هم)، أو خبر ثان لـ (إن) وأجيز فيه الجر بدلاً من ضمير (عليهم). وعلى هذه الوجوه كلها فالولاية لمن كان من الذين آمنوا وكانوا يتقون، وهم أهل الوعد المذكور في الآيات الثلاث، وهي عبارة عن موافقة الولي الحميد في محابه ومساخطه، ليست بكثرة صوم ولا صلاة، ولا تملق ولا رياضة. وقيل: (الذين آمنوا) مبتدأ والخبر: (لهم البشرى)، وهو بعيد؛ لقطع الجملة عما قبلها وانتثار نظم الآية]. عندكم كلمة (تملق) وهناك كلمة (تمذق)، والظاهر أن (التمذق) أقرب من جهة ما يفعله الصوفية ، وإن كان ما يفعلونه هو تمزيق وليس (تمذق)، الذين إذا سمعوا شيئاً مما يطربهم من المواعظ أو الأناشيد مزقوا ثيابهم، فربما تكون (التمذق) أقرب شيء، لكن على كل حال المقصود واضح من السياق، أنه لا عبرة بهذه الحركات، بل العبرة بتحقيق العبودية والمتابعة.
  1. معنى الولي والفرق بين ولاية الله للعبد وولاية العبد لغيره من الخلق

  2. من فوائد ولاية الله للعبد