المادة    
يقول رحمه الله: (بل صرح الأئمة بخلاف قولهم، فممن نص على أن خبر الواحد يفيد العلم وممن نص على ذلك من كلامه ونقله عنه تلاميذه الأثبات الإمام مالك والشافعي وأصحاب أبي حنيفة ).
فكيف يأتي الأشعرية ويقولون:
في عقد الأشعري وفقه مالك             وفي طريقة الجنيد السالك
فيأخذ العقيدة عن الأشعري ، والفقه عن مالك ، والعبادة عن الجنيد ، فالإمام مالك رحمه الله ألم يكن على عقيدة أصح من عقيدة الأشعري ؟ وألم يكن في العبادة أفضل من الجنيد؟
فأي إنسان يقول: أنا مالكي أتبع الإمام مالك وأقلده قلنا له: إن أولى وأوجب ما يجب أن تتبعه فيه كل ما قال به وأن تعتقده ولا تتبع فيه أحداً ولو خالف الناس كلهم، وهو ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ولا تقول هذا آحاد وهذا متواتر.
إذاً: مالك و الشافعي وأصحاب أبا حنيفة ، ولم يذكر ابن القيم الإمام أبي حنيفة ؛ لأنه ربما لم يثبت عنده أنه جزم بذلك، أو أن الإمام أبو حنيفة رحمه الله توفي قبل الكلام والخوض في هذا، فلم يتكلم فيه، لكن تلاميذه ذكروا ذلك، وكذلك داود بن علي إمام أهل الظاهر وأصحابه كـأبي محمد بن حزم ، ونص عليه الحسين بن علي الكرابيسي ، والحارث بن أسد المحاسبي أيضاً، أي: حتى بعض من ينسبون إلى الكلام والبدعة نصوا على ذلك.
إن ابن خويز منداد وهو أحد أئمة المالكية المتقدمين الذين ينقلون عن الإمام مالك نقولاً عظيمةً في المذاهب والاعتقاد يقول في كتابه أصول الفقه وقد ذكر خبر الواحد الذي لم يروه إلا الواحد والاثنان: (ويقع بهذا الضرب -يعني: بهذا النوع- العلم الضروري نص على ذلك مالك ) وابن خويز منداد هذا من الثقات المعتمدين المالكية، فنقل عن مالك أن خبر الواحد يفيد العلم، ونقل عن مالك أن شهادة أهل الأهواء والبدع لا تجوز قال ابن خويز منداد : أشعرياً كان أو غير أشعري، وما نص على الأشعرية إلا لئلا يلبس على الناس أنهم هم أهل السنة فنص عليهم، أما المعتزلة والروافض و الخوارج فهم معروفون، والمالكية كانت منتشرة في العراق في المشرق، وكانت منتشرة في المغرب وإن كنا الآن قل أن نجد مالكياً في بلاد الشام و العراق ، ويوجد في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية قليل من المالكية، لكن كانت منتشرة في ذلك الزمن أكثر، ومنهم هذا الإمام المشهور، وهو معروف عند المالكية، فهو من فسر وترجم كلام مالك وقال: أشعرياً كان أو غير أشعري، يعني: أنه يعلم أن هؤلاء من أهل الأهواء، فلو أن مالكاً أدرك الأشعرية لعدهم من جملة أهل الأهواء والبدع.
  1. الروايات المنقولة عن الإمام أحمد في خبر الواحد ودلالتها