المادة    
لقد رأيت في كتب شيخ الإسلام رحمه الله شيئاً أعجب من هذا، وهو أن أهل البدع أي: من كان متمسكاً بها داعياً إليها، وليس الذي أخطأ فوقع في مسألة فرعية توافق بعض الأقوال البدعية وهو لا يشعر، فمن هو المعصوم الذي لا يقع في الخطأ؟ وهذا بخلاف أهل البدع الذين هم حملتها ودعاة إليها، كما في ردوده في الكتاب العظيم وهو منهاج السنة الذي رد فيه على الروافض و المعتزلة وأشباههم، ونقض فيه كلام الشيعة القدرية، و شيخ الإسلام عندما يورد لهم قولاً في كل كتبهم تقريباً أو كل أئمتهم وهم يعنون بهذا القول معنىً واضحاً محدداً عندهم، ولكنه يقول رحمه الله: (لا يخلو أن يكون مقصودهم كذا أو كذا) فيأتي بالغرض الذي هم يقصدونه فعلاً، وهو الاحتمال الأول هو الذي يريدونه ولم يذكروا غيره، ثم يذكر هو احتمالاً آخر ويقول: إن الكلام قد يحتمل كذا، ثم يرد عليهم في هذا، ويبين لهم الحق.
وقد تقول أنت: رحم الله شيخ الإسلام لماذا يحتمل لهم الاحتمال الآخر وهم لم يقصدوه ولم يقولوه، فلم لا ننتظر حتى يقول المبتدع: أنا لم يكن قصدي هذا، ثم ترد عليه، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله أعدل من ذلك وأوسع علماً، فهو يفترض لو جاء أحد من أئمتهم لاحقاً، وهو صاحب عقل أوسع من عقولهم، وعنده مقدرة على تفتيح المسائل، ولديه سعة في النظر والاستدلال، وقال: أنتم تتحاملون على الشيعة مع أن الشيعة حين قالوا هذا إنما كان مقصودهم كذا، فمن الذي يرد عليه وقتها؟
فـشيخ الإسلام يضع أمامك الاحتمالات كلها، ويبين الجواب على أي احتمال، فتجد فيه إنصافاً وعدلاً، ورداً جاهزاً، فمهما قال المبتدعة فالرد موجود والحمد لله، ولهذا إذا رأيت الآن أي بدعة ظهرت فنقب في كلام شيخ الإسلام فستجد الرد، فسبحان الله الذي أعطاه العلم والبركة فيه! ورزقه العدل والإنصاف والتحري للحق.
  1. الشهادة لابن تيمية بمناقشة احتمالات قبل وقوعها

  2. الشهادة لابن تيمية من أعدائه بدقة نقله وأمانته