المادة    
[الرابع: التصريح بالصعود إليه أيضاً؛ كقوله تعالى: ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ))[فاطر:10]] والرفع يؤكد الصعود، وتقديم الضمير أو الجار والمجرور أقوى من تأخيره، فقوله تعالى: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ))[الفاتحة:5] أقوى مما لو قلت: (نعبدك)، فالمعنى: إليه وحده يصعد الكلم الطيب؛ فهذه دلالة صريحة على أن ذات الله سبحانه وتعالى فوق المخلوقات.
والكلم الطيب أعم من مجرد أي كلام يقوله الناس؛ فأصل كل الطاعات الكلام وأصل الإيمان والدين بأكمله: الكلام، ولهذا منَّ الله -سبحانه وتعالى- على الإنسان بأنه علمه البيان، قال تعالى: ((الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ))[الرحمن:1-4] فإن الإنسان إذا جرد من النطق والفهم أصبح كالدابة، ولهذا شبه الله تعالى الكفار بذلك، قال تعالى: ((إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا))[الفرقان:44]؛ وذلك لأنهم لا يسمعون ولا يعقلون، وهم يعترفون بذلك يوم القيامة، قال تعالى: ((وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ))[الملك:10] فمعنى قوله تعالى: ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ))[فاطر:10]: أن كل الأعمال الصالحة تصعد إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا لا يحتمل التأويل.