المذيع: أعود إلى النقطة التي أثارها الدكتور عمر العمودي، لكن قبل أن نتحدث في صلب ما ذكر.. يحصل للبعض الحقيقة الآن هذه الحملة الصراع المدافعة لهذه الحملة والمواجهة، فهناك فريق يحصره في الحرب، وفريق آخر يرفض أي عبارة توحي بالرصاص؟
الشيخ: الحقيقة هذا واقع، وهذا أحد مشكلاتنا كأمة، يعني نحن الأمة لماذا نقول: العودة إلى كتاب الله، وبدأنا حديثنا بهذا، لماذا؟ نريد تجديد نظرتنا لديننا، مثلاً: أنا آتي إلى جزئية واحدة كل طلاب العقيدة يفقهونها، ولو لم يفقها طالب العقيدة لما نجح ولما اعتبر طالب عقيدة -في بلادنا مثلاً أو في بلاد أخرى- وهي أن الإيمان شعب، وأنه يزيد وينقص، هذه محسوبة، لكن كيف نطبقها عملياً، كيف نقتنع بها؟ كيف نجعل منهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منهج الدعوة إلى الله، منهج الحرب والسلم، نجعلها تنطلق من هذه العقيدة، ومن الإيمان بها، فنحن نقول: إذا كان الإيمان شعباً، وعلمنا ذلك وآمنا بذلك، فمعنى ذلك: أنه لا يمكن أن نضيع الشعب كلها من أجل شعبة واحدة مهما بلغت عظمتها، مثلاً: التوحيد أعظم الشعب، هل أحد يترك الصلاة ويستحق التوحيد؟ وهذا ما فعله بعضهم وعُدوا كفرة، كما يدعي بعض الصوفية وأمثالهم، يعني لا بد أن تعبد الله وأن تصلي، ولا تترك الصلاة من أجل الزكاة، وهكذا.
فكل الشعب يجب أن تقوم، ثم الله تبارك وتعالى جعل هذا الدين على طاقتنا، وجعل هذا جهاداً فيه سبحانه، فقال جل وعلا: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا))[العنكبوت:69] فالسبل متعددة، والتعدد هذا لا يعني تعدد المنهج، أو تعدد الدين، وإنما يعني: تعدد ما نتقرب به إلى الله، تعدد طرق الخير ووسائلها، فلو أن عبداً من عباد الله أو جماعة أو قرية أخذت بأدنى شعب الإيمان الثابتة في الحديث وهي: إماطة الأذى عن الطريق، وأنشأنا جمعية إماطة الأذى عن الطريق، فتخيل كيف يكون مردودها العملي، وكم سيكون لها من ثمار، وكم ستوفر من مليارات، وكم وكم..
فلو جاء شخص وقال: أنت أخذت بأدنى الشعب وتركت... فقل: يا أخي الكريم! عندي حديث من النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً دخل الجنة في غصن شجرة، شوك كان على الطريق فقطعه، ليس هناك على من دخل الجنة من حرج، ((فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ))[آل عمران:185] بأي شعبة، ما دام عنده الواجبات والأركان المهمة.
إذاً نحن نقول: الأمة منها المجاهد والعالم، لا غنى لهذا عن هذا، ولا لهذا عن هذا، الأمة منها الداعية، يجب أن يكون منها الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، هذه ليست بدائل، هذا تكامل، ومن العجب أيضاً أن المعركة متكاملة وشاملة، فهم يريدون إفساد المجتمع، وإلغاء تحكيم الشريعة، وإشاعة الربا، والانحلال الخلقي، واحتلال الأرض وأخذ النفط، فعندما نفقه هذا لا تتضارب ولا تتعارض لدينا المصالح، ونقول: كل ميسر لما خلق له، ونحن كالبدن الواحد، العين لها وظيفة، والأذن لها وظيفة، واليد لها وظيفة، فلا نقول: أيتها العين لا بد أن نفقأك لأنك عطلت الأذن، وهذا أمر -حقيقة- من قلة الفقه في الدين، أن ينشأ تضارب وتعارض بين شعب الإيمان وأعمال الإيمان.
ثم يا أخي الكريم! أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف عاشوا وكيف كانوا؟ كيف كان خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه؟ كان مقاتلاً مجاهداً، لكن مسند أبي هريرة خمسة آلاف حديث، وكذلك كان أبي بن كعب في القراءة، وكذلك معاذ بن جبل في العلم بالحلال والحرام وهكذا، لم يكلف الله تبارك وتعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم أن الكل يتجشم القتال ويدع العلم، أو أن الكل يتجشم حب العلم ويدع ذلك، فكل ميسر لما خلق له، بشرط: أن يكون كلٌ منا يبني ويعلم أنه يضع لبنة في بناء.
لاحظ لو أني أخذت لبنة ووضعتها في الصحراء لا قيمة لها، لكن لو وضعتها في بناء وعلمت أن غيري سيضع على يمينها لبنة وعلى شمالها وفوقها لبنة اكتمل البناء، حتى المذاهب الفقهية، حتى علم الحديث، حتى علم الرجال، حتى عمل التاريخ، وضع واضع كتاباً، الخليل بن أحمد وضع العروض وجاء بعده كذا، ثم المعاجم الكبرى.