المادة    
المذيع: نلاحظ يا شيخ مصطلح النظام العالمي الجديد مصطلح العولمة، ومنظمة التجارة العالمية، أصبحت الآن لا تذكر إلا نادراً، هل يمكن أن نقول: إن الأحداث السياسية طغت عليها، أم أن وراء إخفائها سياسة أخرى ظهر بها جورج بوش الابن مثلاً خلافاً لمن كان قبله، يعني يمكن ..... هذا يا شيخ؟
الشيخ: الحقيقة عندما يتأمل الناظر والباحث في الواقع، وحال الطواغيت والطغيان وقوى الاستكبار والعدوان في التاريخ كله، نجد أنها تمر بها حالات لا بد فيها أن تغير من جلدها، أو تغير من نمطها في التفكير أو في الحياة، أمور كثيرة تتغير مظهرياً لكن الحقيقة تبقى واحدة، ولهذا الله تبارك وتعالى جمع هذا كله في آية من كتاب الله: ((مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ))[فصلت:43] الحقائق ثابتة ولكن تتغير، وحتى لا أطيل أذكر الإخوة بقصة فرعون، كيف أن فرعون كان مرة كذا ومرة كذا، ومع ذلك تأتي الآيات وراء الآيات: الضفادع، والدم، والقمل، وكل مرة هم لا يعتبرون، ويظنون أن هذا التغيير يخادعون به الله، يخادعون به الشعوب ويخادعون به العالم.
الأمم المتحدة كانت نموذجاً رأوه وفصلوه بأيديهم يصلح لمرحلة ما بعد القضاء على هتلر، ومرحلة الحرب الباردة، والآن وجدوا أنفسهم في وضع آخر، هناك تهمة الآن صريحة بأن الولايات المتحدة تريد إلغاء هيئة الأمم أو تعديلها مطلقاً، والتعدي واضح، والمنظمات الأخرى هي من أكبر وسائل استغلال الشعوب، ومنظمة التجارة العالمية كمثال من عجب العجب، فالنفط له حالة، وبقية الأشياء الأخرى لها حالة أخرى، وصندوق النقد الدول الضعيفة هي التي ترزح تحت دينه وتعاني منه، بل كثير من الدول تقول: كنا على لأواء وعلى جهد وعايشنا الحياة، فلما سلمناها لهذه المنظمات أفلسنا وإلى الأبد، ولم يصلح حال تركيا ولا اليمن ولا السودان ولا دول كثيرة في العالم.
إذاً هذا الرأسمالي البشع، المرابي الخطير، الذي لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يؤمن بأن للبشر حقاً في الحياة يتقنع بأقنعة مختلفة، وينفذ ما يريد، وطبعاً هذا لا ينطبق على كل أحد، ولا على كل العاملين فيها، بل هناك بعض المنظمات الدولية التي قد يكون لها دور طيب، مثل منظمة الصحة في بعض الأشياء، كمكافحة الأوباء أو غيرها، لكن نحن نتكلم عن المحرك والمسير التي يتخذ من هذه الأمور التي فيها نوع من البراءة والخير والمنفعة العامة ما يسخره لخدمته لا للإصلاح.
المذيع: لكن يقال: إنها يمكن أن تلغى في وقت من الأوقات، إذا رأت بعض الشعوب المصلحة في إلغائها مثل أمريكا مثلاً؟
الشيخ: نعم. أمريكا كقرار يمكن أن تلغي ذلك، ولديها إذا أرادت المبررات والمسوغات المختلفة، وأسوأ ما يكون في واقعنا الحالي، أن هذه على ما لاقت البشرية منها تبدأ تقول: يا ليتها بقيت! أو يا ليتها ترجع! وهذه أسوأ حالة يمكن أن يمر بها البائس المسكين، أن يطالب بحالة البؤس الذي كان عليه، والأمة الإسلامية والحمد لله الأمة قوية، إن قامت بحق وبإيمان وثبات فبإمكانها أن تستغني عن العالم كله بكل منظماته وهيئاته، وتبقى العلاقات الشرعية المعروفة: إما دار حرب أو دار هدنة، أو صلح، أمور أخرى، لكن كأمة يمكنها أن تعيش، وقد كانت وعاشت قروناً لا تحتاج أبداً إلى أية حضارة أخرى، ولا تحتاج بالذات إلى مؤسسات حاكمة أو مهيمنة.......
  1. أهمية التكامل في العمل للدين