المادة    
يقول الحسن رحمه الله: "السنة والذي لا إله إلا هو بين الغالي والجافي" الغالي هو الذي غلا في الدين حتى خرج عن الصراط المستقيم، والجافي هو الذي جفا وقصر وأهمل وفرط.
"فاصبروا عليها رحمكم الله" يا أهل السنة ! اصبروا على السنة، هؤلاء لا تعجبهم السنة، وهؤلاء لا تعجبهم السنة؛ وأهل الترف يقولون أنكم خوارج، والخوارج يقولون أنكم من أهل الترف، فاصبروا ولا تنظروا إلى أقوالهم، اصبروا وأنتم على السنة.
"فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي". يعني أن العبرة ليست بالكثرة.
فيما مضى" يعني فيما قبل عصره، أو فيما قبل عصرهم ذلك بزمن، أو باعتبار النظر إلى بني آدم جميعاً؛ فـأهل السنة بالنسبة إلى أولئك قليل؛ فلا اعتبار إذن بكثرة المخالف.
ثم يذكر رحمه الله صفات أهل السنة ؛ فيقول: "الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم" لم يكونوا من أهل البدع ولم يكونوا من أهل الانغماس في الدنيا والتوسع فيها ونسيان الدار الآخرة.
قال: "وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم"، صبروا على السنة حتى لقوا ربهم عز وجل وهم عليها.
قال: "فكذلك فكونوا" يوصي تلاميذه وأصحابه بأن يكونوا كذلك، ولا ينظروا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
كانت هذه الوصية القيمة في تلك الظروف؛ في حالة التمزق التي بدأت تبرز في المجتمع الإسلامي بعد أن كان المسلمون أمة واحدة على الدين والإيمان والسنة.
وهذا يشهد لما سبق من أنه لا اعتبار بالكثرة، قال: "فإن أهل السنة كانوا اقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي" فلا تنظروا إلى الكثرة، ولكن كونوا على السنة، لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء:
.................            كلا طرفي قصد الأمور ذميم