المادة    
قال الطحاوي رحمه الله:
[وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه، فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً، ليس فيه ناقض ولا معقب، ولا مزيل ولا مغير ولا محول، ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه.
قال المصنف رحمه الله:
هذا بناءً على ما تقدم من أن الله تعالى قد سبق علمه بالكائنات، وأنه قدر مقاديرها قبل خلقها، كما قال صلى الله عليه وسلم: {قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء}، فيعلم أن الله قد علم أن الأشياء تصير موجودة لأوقاتها على ما اقتضته حكمته البالغة فكانت كما علم، فإن حصول المخلوقات على ما فيها من غرائب الحكم لا يتصور إلا من عالم قد سبق علمه على إيجادها، قال تعالى: ((أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ))[الملك:14].
وأنكر غلاة المعتزلة أن الله كان عالماً في الأزل، وقالوا: إن الله تعالى لا يعلم أفعال العباد حتى يفعلوا! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: [[ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خصموا، وإن أنكروا كفروا]] ].

الشرح:
يقول الإمام ابن أبي العز: "هذا بناءً على ما تقدم من أن الله تعالى قد سبق علمه بالكائنات، وأنه قدر مقاديرها قبل خلقها"، فالله تعالى يعلم الكائنات، "وأنه وقدر مقاديرها قبل خلقها، كما قال صلى الله عليه وسلم: {قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء}" وهذا قد تقدم في المرتبة الثانية، وهي مرتبة الكتابة، قال: "فيعلم أن الله قد علم أن الأشياء تصير موجودة لأوقاتها على ما اقتضته حكمته البالغة فكانت كما علم"، فيجب على كل إنسان مؤمن بالله سبحانه وتعالى أن يؤمن بالقدر، وأول ما يؤمن به من مراتب القدر هذه المرتبة، وهي أن الله علم كل ما سيكون في وقته متى سيكون، وعلى أي هيئة وكيفية سيكون.
فالمرتبة الأولى: هي العلم، وهي الأساس؛ لأن علم الله سبحانه وتعالى لا يحدث ولا يتجدد ولا يتغير؛ بل علمه تبارك وتعالى محيط بكل ما كان وما سيكون دائماً، فهو سبحانه وتعالى يعلم أن كذا سيكون في وقت كذا وبهيئة كذا وكيفية كذا، فيخلق سبحانه وتعالى ذلك وفق ما علم، وما كُتب -كما تقدم- فهو وفق ما علم، فلا تناقض ولا تعارض بين هذه المراتب، لكن العلم هو أصلها جميعاً.
  1. خلق المخلوقات على ما فيها من غرائب الحكم دليل على علم الله السابق للخلق

  2. غلاة القدرية ينكرون علم الله تعالى السابق لأفعال العباد

  3. شبهة غلاة القدرية في إنكار علم الله تعالى

  4. حكم غلاة القدرية وكيفية مناظرتهم

  5. سبب وجود علم الكلام وبيان بطلانه وفساده

  6. علم الله سبحانه وتعالى مطابق للواقع والواقع مطابق له