قال: "فأما القادر على كل شيء، الغني بذاته عن كل شيء" كما قال سبحانه: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ))[فاطر:15] وكما في حديث أبي ذر القدسي المشهور في خطاب الله تبارك وتعالى لعباده.
"العالم بكل شيء، الرحمن الرحيم، الذي وسعت رحمته كل شيء فإدخال الوسائط بينه وبين خلقه نقص بحق ربوبيته وإلهيته وتوحيده، وظن به ظن السوء" هذا الظن أسوأ الظن بالله.
"وهذا يستحيل أن يشرعه لعباده، ويمتنع في العقول والفطر جوازه، وقبحه مستقر في العقول السليمة فوق كل قبيح" أي فليس من المعقول أن يشرع الله سبحانه وتعالى للناس أن يتخذوا بينه وبينهم وسائط، وهو العليم بكل شيء، القادر على كل شيء، الغني عن كل أحد، المتصرف في كل أمر، الذي رحمته وسعت كل شيء.. أفيحتاج ربنا عز وجل لمن يدخل بينه وبين خلقه فلا يعبد إلا من طريقه، فيدعى هذا من دونه بزعم أنه يوصل العبادة إلى الله؟! تعالى الله عما يشركون!
يقول: "يوضح هذا أن العابد معظم لمعبوده، متألِّه له، خاضع ذليل له، والرب تعالى وحده هو الذي يستحق كمال التعظيم والإجلال والتأله والخضوع والذل". وفي كلمة: لا إله إلا الله -كلمة التوحيد العظيمة- كلمة (إله)، وإذا عُرف معنى (إله) عرف معنى كلمة: لا إله إلا الله، فما معنى الإله؟ أوجز وأفضل تعريف لهذه الكلمة أن الإله هو الذي تألهه القلوب... والوله: غاية الحب ونهاية الحب، فالإله هو الذي تألهه القلوب محبة وإجلالاً وخضوعاً وذلاً وتعظيماً وانقياداً ورغبة ورهبة ورجاءً.
إذاً: فغاية الحب مع غاية الذل كمال العبودية التي لا تصلح إلا لله تبارك وتعالى.