المادة    
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[والشيخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أراد الرد بهذا الكلام عَلَى المشبهة، كـداود الجواربي وأمثاله القائلين: إن الله جسم، وإنه جثة، وأعضاء وغير ذلك! تَعَالَى الله عما يقولون علواً كبيراً.
فالمعنى الذي أراده الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- من النفي الذي ذكره هنا حق، ولكن حدث بعده من أدخل في عموم نفيه حقاً وباطلاً، فيحتاج إِلَى بيان ذلك. وهو أن السلف متفقون عَلَى أن البشر لا يعلمون لله حداً، وأنهم لا يحدون شيئاً من صفاته. قال أبو داود الطيالسي: كَانَ سفيان وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحدون ولا يشبهون ولا يمثلون، يروون الحديث ولا يقولون: كيف؟ وإذا سئلوا قالوا بالأثر.
وسيأتي في كلام الشيخ: وقد أعجز عن الإحاطة خلقه. فعلم أن مراده أن الله يتعالى عن أن يحيط أحد بحّده، لا أن المعنى أنه غير متميز عن خلقه، منفصل عنهم مباين لهم.
سُئل عبد الله بن المبارك: بم نعرف ربنا؟
قَالَ: بأنه عَلَى العرش، بائن من خلقه.
قيل بحد؟
قَالَ: بحد، انتهى.
ومن المعلوم أن الحد يُقال عَلَى ما ينفصل به الشيء ويتميز به عن غيره والله تَعَالَى غير حالٍّ في خلقه، ولا قائم بهم؛ بل هو القيوم القائم بنفسه، المقيم لما سواه فالحد بهذا المعنى لا يجوز أن يكون فيه منازعة في نفس الأمر أصلاً، فإنه ليس وراء نفيه إلا نفي وجود الرب ونفي حقيقته. وأما الحد بمعنى العلم والقول، وهو أن يحده العباد، فهذا منتفٍ بلا منازعة بين أهل السنة.
قال أبو القاسم القشيري في (رسالته) سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي سمعت أبا منصور بن عبد الله، سمعت أبا الحسن العنبري سمعت سهل بن عبد الله التستري يقول، وقد سئل عن ذات الله فقَالَ: ذات الله موصوفة بالعلم، غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهي موجودة بحقائق الإيمان من غير حد ولا إحاطة ولا حلول، وتراه العيون في العقبى، ظاهراً في ملكه وقدرته، وقد حجب الخلق عن معرفة كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه، والعيون لا تدركه، ينظر إليه المؤمنون بالأبصار، من غير إحاطة ولا إدراك نهاية] إهـ.

الشرح:
أراد المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ أن يبين لنا مأخذ صاحب المتن الإمام أبي جعفر الطّّحاويّ في إطلاق هذه العبارات، أو أن يبرر له استخدام هذه العبارات مع أنها لم ترد، ومن المعلوم أن نفاة الصفات يتهمون أتباع السلف الصالح دائماً بأنهم مشبهة مجسمة حشوية، وكأن الإمام أبا جعفر الطّّحاويّ يريد أن يرد عليهم وأن يسد هذا الباب وأن يقول: نَحْنُ لسنا بـمشبهة ولا مجسمة ولا يصدق علينا ما تتهمونا به.
ولتأكيد ذلك قَالَ: نَحْنُ نقول: إنه تَعَالَى عن الحدود، والغايات، والأركان، والأعضاء، والأدوات، والعلماء يقولون في مثل هذا المقام: لا نقصد نفي ما تدل عليه أو إثبات ما تدل عليه هذه المعاني -التي هي كما قلنا معاني محتملة للحق والباطل- إنما لهم مقصد آخر وهو بيان أننا لسنا مشبهة ولا مجسمة؛ لأن المشبهة والمجسمة يثبتون هذه كما هي عند المخلوق مع أننا نقول: إن هذا خطأ؛ لكن لماذا وقعوا في هذا الخطأ، وما المعنى الذي قصدوه حتى وقعوا في ذلك؟
ذكر المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ أنه أراد الرد بهذا الكلام عَلَى المشبهة؛ لكن حدث بعده من أدخل في عموم نفيه حقاً وباطلاً يعني: جَاءَ نفر من الشرَّاح الذين شرحوا كلامه وهم من الماتريدية، فشرحوها عَلَى الاحتمال الخطأ.
  1. أهل السنة ليسوا مشبهة

  2. أول من أحدث التمثيل هم الروافض القدماء أما المتأخرون فهم معتزلة

  3. الكرامية مشبهة ومجسمة

  4. غلاة قدماء الصوفية مشبهة مجسمة