بقي أمر آخر عند
الصوفية نتكلم عنه وهو جهاد
الصوفية كيف يجاهدون؟ يمكن أن يقول أحد من الناس
الصوفية لا يجاهدون! وأجيب: بلى، هم يقولون: نحن نجاهد، وسأقرأ لكم الآن عن أحدِ أئمَّتهم كيف جاهد.
هذا أحدهم اسمه
محمد بن الشيخ أبي بكر العردوك، يقول
النبهاني: "تأهب الشيخ
محمد وتحزَّم، وأخذ عمود خيمته، وجعل يقاتل في الهواء غائب العقل ظاهراً! والجماعة حوله يعلمون أنه في أمر مهمَّ، وبقي إلى مثل ذلك الوقت مِن نهارِ الخميس تاليه، ثم استلقى كالميت، وكُلُّ ما عليه مع بدنه، وعموده ملطخ بالدماء، ثم أفاق بعد ساعة والجماعة حوله يبكون، فقبَّلوا يديه ورجليه، وسألوه عمَّا جرى، فأخبرهم بأنَّه قاتل جيش التتار، وقتل كبيرهم وأنَّهم في هذا اليوم ينكسرون، وانكسر التتار بأرض
حمص يوم الخميس.
أقول: الشيخ حاربَهم وهو قاعد يضارب في الهواء.
وهناك شيخ آخر اسمه:
الشيخ برق، قال
النبهاني: '' روينا أنَّ قاضي
دمشق مرَّ يوماً راكباً بمكان بـ
دمشق فنظر إليه
الشيخ برق قائماً، وبين يديه جبَّة غليظة، وهو يضربه بخشبة غليظة، والدم يرتفع مِن ذلك المضروب في الهواء، ويرشرش ماحوله -أي: ماحول الشيخ- والشيخ منـزعج، يصيح مرة، ويهيم مرة، ويصير كالسكران إلى أن أفاق الشيخ ورجع إلى حكم الظاهر، فسأله ما الخبر؟ فقال: حضرتُ الساعةَ وقعة
المنصورة، وكان جميع ما يرى مِن الضرب وظهور الدماء مِن تلك الوقعة، وقد نصرتُ المسلمين وخذلت الكافرين ''.
انظروا! الشيخ هو الذي فعل ذلك وهو في
دمشق يضرب الجبَّة!
بقي أن نقول: إنَّ الكرامات هذه كثيرةٌ جدّاً لا نستطيع أن نأتي بِها جميعاً، وكلها شركيَّات، وخرافات وضلالات، وكلُّها أوهام، وكثيرٌ منها تخرجُ صاحبَها مِن الملَّة بمجرد اعتقاده، ولن نستطيع أن نأتي بها جميعاً، وإنَّما ذكرتُ ما ذكرتُ منها لإعطاء فكرة عامَّة، فكرة موجزة عن هذا -دين
الصوفية- خلواته، وشيوخه، ثم عن كراماتهم، وعن مجاهداتهم كما سبق.
فهذه هي أركان الطريق عندهم، وهذا هو دين هؤلاء القوم، وهذه هي عقيدتهم، فمن خدع بكتاب
الرد المحكم المنيع الذي ألَّفه
الرفاعي، أو مَن خُدع بكتاب
التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار الذي ألَّفه المغربيَّان
عبد الحي و
عبد الكريم، ومَن خدع بكتاب
إعلام النبيل الذي ألَّفه
راشد بن إبراهيم المريخي البحريني، ومَن خدع بأيِّ كتابٍ مِن كُتب هؤلاء القوم أو بأيِّ دعوةٍ مِن دعواتِهم، أو بأيِّ فكرة مِن أفكارهم: فليعلم أن هذه هي أصولهم، ولا يغتر بما يذكرونه في هذه الكتب مِن أنَّ الخلاف بيننا وبينهم في "المولد"، أو في بعض الفرعيَّات، أو في بعض القضايا التي لا تثير إشكالاً، وياليت أننا نتعاون على
الشيوعية، وعلى أعداء الاسلام، ونترك هذه البدع كما يقولون أبداً، هذه هي عقيدتهم، وكلٌّ منهم آخذٌ منها بحظ، من لم يأخذها كلها فله حظ منها بقدر ما يأخذ.