المادة    
من المشكلات التاريخية التي أثيرت عَلَى مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ بشكل عام وعلى شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ رحمة الله بشكل خاص هذه المسألة: حتى أن كثيراً من النَّاس لا يزالون يعادون شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ ويطعنون فيه، ويسيئون الظن فيه لا لذاته، وإنما للعقيدة التي يدعو إليها، والمبدأ الذي أحياه.
ومن أعظم المسائل التي يذكرونها -كمثال عَلَى أن شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ خارج عن مذهب السلف وغيره، وأنه مبتدع، ويأتي بأفكار لم يسبقه إليها أحد، ويخرق الإجماع- مسألة: القول " بجواز حوادث لا أول لها " حتى الشيخ شعيب مع أنه مهتم بالسنة والحديث؛ إلا أنه في هذا الموضوع -في مكان غير محتاج إِلَى التعليق نهائياً- أقحم هذه المسألة، وأخذ يتكلم في شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ بالكلام الذي نرده ونبين بطلانه وخطأه -بإذن الله تعالى- فالقضية أصبحت كأنها مسألة تشفي عَلَى شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ، مع أن ما كتبه شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ في هذه القضية تعجز عنه جميع العقول الفلسفية، فمن استطاع أن يفهمه فقد حاز عَلَى فضل كبير أما نقضه فإنه من المُحال.

وقد ذكر الفخر الرازي أنه استقصى أعظم الأدلة في هذه المسألة في كتاب له اسمه المباحث المشرقية ذكر فيه عشرة براهين، ويقول: هذه هذه البراهين العشرة ليس بعدها أي برهان ولا دليل عَلَى بطلان حوادث لا أول لها، وأن الحوادث كانت مسبوقة بالعدم المحض الكلي.
وقد نقض شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ في منهاج السنة هذه البراهين العشرة برهاناً برهاناً، وبيّن بطلانها وخطأها، وأضاف عليها، فنقض كلام الرافضي وغيره.
واستطرد في ذكر كل ما في هذه المسألة من الفلاسفة المتقدمين أمثال أرسطو ومن شايعه وابن سينا، ومن كَانَ عَلَى منهجهم، ومن خالفهم في هذه المسألة، كـابن رشد وغيره، فجاء عَلَى جميع أقوالهم في هذه المسألة وفندها جميعاً.

فقضية بهذا العمق والطول، ليس من البساطة أن يأتي الإِنسَان فيجازف بالطعن في شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ أو يتهمه وينتقده، فلا نرضى لمن كَانَ سنياً أن يجازف بالطعن والرد عَلَى أي مبتدع مجازفة بدون علم، مع أن هذا سني يرد عَلَى مبتدع، فكيف بإمام من أئمة السنة؟! ثُمَّ نقول بأنه خارج عن الإجماع في هذه المسألة، أو أنه موافق للكرامية، أو أنه موافق للصائبة الحرانية.
وهذا مما يدل عَلَى أن المسألة ينبغي لنا أن نفهمها بما يقدره الله من الفهم، ونحاول أن نستوضح ونعرف الخلفية التي وراءها، وما الذي يمكن أن يجر من لوازم؟