ثم قال: "والوعيدية من الخوارج والمعتزلة " يسمون الوعيدية لأنهم يأخذون بنصوص الوعيد "يوجبون العذاب في حق أهل الكبائر" يعني بأعيانهم، يقولون ذلك "لشمول نصوص الوعيد لهم" فيرون أنهم يدخلون تحت نصوص الوعيد العامة "مثل قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا))[النساء:10]. وتجعل المعتزلة إنفاذ الوعيد أحد الأصول الخمسة التي يكفرون من خالفها".
وقد تقدم شرح الأصول الخمسة وشرح كلام المعتزلة، ويقابلهم في هذا القول المرجئة الذين أخذوا بنصوص الوعد.
يقول رحمه الله: "فعارضهم غالية المرجئة بنصوص الوعد، فإنها قد تتناول كثيراً من أهل الكبائر" يعني: أنهم يعتمدون نصوص الوعد؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: {من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة} فإنه يتناول أصحاب الكبائر، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر : {وإن زنى وإن سرق} فردوا عموم الوعيد بعموم الوعد.
يقول: "فهنا اضطرب الناس، فأنكر قوم من المرجئة العموم" وهذا من المذاهب الغريبة، وهو الذي يظهر من مذهب الأشعرية ومن أكثر كلامهم، فقد اضطروا حتى يتخلصوا من هذه القضية إلى أن يقولوا: (العموم مجاز، ولا يوجد عموم في اللغة أصلاً).