المادة    
أخبرنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الكتاب والسنة، أنه خلق آدم عَلَيْهِ السَّلام نبياً من الأنبياء، وأن ذريته بقيت عَلَى التوحيد، حتى اختلفوا كما قال ابن عباس رضي الله عنه: {إنه كَانَ بين آدم ونوح عشرة قرون}، ثُمَّ وقع الشرك في قوم نوح كما جَاءَ في الحديث الصحيح، ولم يكن هناك أعراف ولا كهان ولا سحرة؛ بل بعث الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى النبيين مبشرين ومنذرين ليقاوموا تلك الأعراف وأولئك الكهان. فصار الناس فريقين:
المؤمنون الموحدون.
والكفار المُشْرِكُونَ.
وهذه الحضارات الموجودة آثارها إِلَى اليوم، كحضارة الفراعنة، والروم، وقوم هود، وقوم صالح؛ وكلها كَانَ هلاكها ودمارها بسبب تكذيبها بما جَاءَ به الأنبياء، والوحي الذي جَاءَ من عند الله سبحانه تعالى.
وليست العملية تطور علمي: وهو أن البشرية تطورت حتى وصلت إِلَى قمة العلم ثُمَّ الدين، ثُمَّ لما عرفت التوحيد جاءتها الكتب الثلاثة المنزلة كما يقولون.
ومن ذلك نظرية القانون يقولون: إن الإِنسَان بدأ يحتكم إِلَى الأعراف، وكان العُرف هو الذي يحكم الناس، ثُمَّ وجدت ما يسمونها نظرية العقد الاجتماعي ومعناه: أن أفراد المجتمع تعاقدوا فيما بينهم عقداً عرفياً بأنه لا تظالم، وأنه يتم بينهم أخذ وعطاء "ولا تؤذيني ولا أؤذيك"؛ ثُمَّ بعد ذلك جَاءَ الأَنْبِيَاء وجاءت الكتب.
وهذا من الكذب والافتراء عَلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإن هذه النظريات إنما عرفتها البشرية في فترات الانحراف -أزمان الفترة- التي لا يبعث فيها نبي، بل ينحرف الناس عن شريعة الأنبياء، ويتخذون الأحبار والرهبان والملوك والكهان يشرعون لهم من دون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عندما يبعث أي نبي إنما يبعثه بشرع ليتحاكم الناس إليه، وليحكموا به، والحاكم هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
والحياة؛ إنما هي في القرآن، أحيا الله به العالمين وأخرجهم من الظلمات إِلَى النور ورحمهم به، وشفى ما كَانَ يعتلج ويختلج في صدورهم من الأوهام والظنون والنظريات الباطلة.
وهنا قد يرد سؤال حيث يقول الله تعالى: ((قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ)) [فصلت:44] فكيف يكون هدى وشفاءً للذين آمنوا فقط؟ أليس القُرْآن هدىً للعالمين جميعاً؟
نقول: بلى، إن القُرْآن هدىً للناس جميعاً، لكن المنتفع بهداية القُرْآن هم المؤمنون الذين يؤمنون به، أما الَّذِينَ كَفَرُوا فهو عليهم عمى.

وقال تعالى: ((يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ)) [البقرة:26] فمع أنه نور، لكنه قد يكون سبباً للضلال.
فإنه إذا رأى الرائي النور أمامه فأعرض عنه فضلاله أعظم من ضلال من جَاءَ في الظلام ولم ير النور من أصله.
فالذي يرى النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويسمع كلام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثُمَّ يعرض عنه لا شك أنه لم يخالط قلبه هذا الدواء الذي أنزله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فكان ذلك سبباً لزيادة مرضه وضلاله وهلاكه.
فالدواء دواء، والنور نور، والهدى هدى، والشفاء شفاء، ومن هنا كَانَ للذين آمنوا هدى وشفاء لأنهم يؤمنون به ويطمعون ويسعون للتداوي به والاقتداء والاستضاءة بنوره.
  1. ماذا يجب على الإنسان معرفته من العقيدة

  2. متى يعذر الإنسان بالجهل

  3. أسباب الضلال والحيرة

  4. أنواع النظر والاستدلال

  5. تنزيه الله تعالى لنفسه

  6. أهمية البصيرة في الدعوة إلى الله