تقدم في أول هذا الكتاب بيان درجات المنكرين للصفات، ولو رتبناهم بحسب قربهم من أهل السنة فنقول: الأشعرية يثبتون الأسماء وبعض الصفات، ثُمَّ أبعد منهم المعتزلة يثبتون الأسماء دون الصفات، ثُمَّ درجة ثالثة الجهمية ينفون الأسماء والصفات إلا أنهم يثبتون الوجود المطلق، ويلحق بهم الباطنية وهم أتباع للفلاسفة وجزء منهم في الحقيقة، فهَؤُلاءِ لا يثبتون حتَّى الوجود، وإنما يثبتون لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى المتناقضين، فيقولون: لا نقول إنه موجود، ولا غير موجود، والتعبير الصحيح عنهم أن نقول: إنهم يصفون الله برفع النقيضين، ولا نقول إنهم يثبتون النقيضين، وهَؤُلاءِ لا شك في كفرهم عند جميع الملل.