شرح ابن أبي العز بحسب الفقرات المختارة .

1 - قوله والايمان هو الاقرار باللسان والتصديق بالجنان وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان حق والايمان واحد واهله في اصله سواء والتفاضل بينهم بالخشيه والتقى ومخالفه الهوى وملازمه الاولى اختلف الناس فيما يقع عليه اسم الايمان اختلافا كثيرا فذهب مالك والشافعي واحمد والاوزاعي واسحاق بن راهويه وسائر اهل الحديث واهل المدينه رحمهم الله واهل الظاهر وجماعه من المتكلمين الى انه تصديق بالجنان واقرار باللسان وعمل بالاركان اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
2 - ومنهم من يقول ان الاقرار باللسان ركن زائد وليس باصل والى هذا ذهب ابو منصور الماتريدي رحمه الله ويروى عن ابي حنيفه رضي الله تعالى عنه اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
3 - وذهب الكراميه الى ان الايمان هو الاقرار باللسان فقط فالمنافقون عندهم مؤمنون كاملو الايمان ولكنهم يقولون بانهم يستحقون الوعيد الذي اوعدهم الله به وقولهم ظاهر الفساد اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
4 - وذهب الجهم بن صفوان وابو الحسن الصالحي احد رؤساء القدريه الى ان الايمان هو المعرفه بالقلب وهذا القول اظهر فسادا مما قبله فان لازمه ان فرعون وقومه كانوا مؤمنين فانهم عرفوا صدق موسى وهارون عليهما الصلاه والسلام ولم يؤمنوا بهما ولهذا قال موسى لفرعون لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السموات والارض بصائر الاسراء وقال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبه المفسدين النمل واهل الكتاب كانوا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون ابناءهم ولم يكونوا مؤمنين به بل كافرين به معادين له وكذلك ابو طالب عنده يكون مؤمنا فانه قال ولقد علمت بان دين محمد من خير اديان البريه دينا لولا الملامه او حذار مسبه لوجدتني سمحا بذاك مبينا بل ابليس يكون عند الجهم مؤمنا كامل الايمان فانه لم يجهل ربه بل هو عارف به قال رب فانظرني الى يوم يبعثون الحجر قال رب بما اغويتني الحجر قال فبعزتك لاغوينهم اجمعين ص والكفر عند الجهم هو الجهل بالرب تعالى ولا احد اجهل منه بربه فانه جعله الوجود المطلق وسلب عنه جميع صفاته ولا جهل اكبر من هذا فيكون كافرا بشهادته على نفسه وبين هذه المذاهب مذاهب اخر بتفاصيل وقيود اعرضت عن ذكرها اختصارا ذكر هذه المذاهب ابو المعين النسفي في تبصره الادله وغيره اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
5 - وحاصل الكل يرجع الى ان الايمان اما ان يكون ما يقوم بالقلب واللسان وسائر الجوارح كما ذهب اليه جمهور السلف من الائمه الثلاثه وغيرهم رحمهم الله كما تقدم او بالقلب واللسان دون الجوارح كما ذكره الطحاوي عن ابي حنيفه واصحابه رحمهم الله او باللسان وحده كما تقدم ذكره عن الكراميه او بالقلب وحده وهو اما المعرفه كما قاله الجهم او التصديق كما قاله ابو منصور الماتريدي رحمه الله وفساد قول الكراميه والجهم بن صفوان ظاهر اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
6 - والاختلاف الذي بين ابي حنيفه والائمه الباقين من اهل السنه اختلاف صوري فان كون اعمال الجوارح لازمه لايمان القلب او جزءا من الايمان مع الاتفاق على ان مرتكب الكبيره لا يخرج من الايمان بل هو في مشيئه الله ان شاء عذبه وان شاء عفا عنه نزاع لفظي لا يترتب عليه فساد اعتقاد والقائلون بتكفير تارك الصلاه ضموا الى هذا الاصل ادله اخرى والا فقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم الايمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر والمنتهب ولم يوجب ذلك زوال اسم الايمان عنهم بالكليه اتفاقا ولا خلاف بين اهل السنه ان الله تعالى اراد من العباد القول والعمل واعني بالقول التصديق بالقلب والاقرار باللسان وهذا الذي يعنى به عند اطلاق قولهم الايمان قول وعمل لكن هذا المطلوب من العباد هل يشمله اسم الايمان ام الايمان احدهما وهو القول وحده والعمل مغاير له لا يشمله اسم الايمان عند افراده بالذكر وان اطلق عليهما كان مجازا؟ هذا محل النزاع اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
7 - وقد اجمعوا على انه لو صدق بقلبه واقر بلسانه وامتنع عن العمل بجوارحه انه عاص لله ورسوله مستحق الوعيد لكن فيمن يقول ان الاعمال غير داخله في مسمى الايمان من قال لما كان الايمان شيئا واحدا فايماني كايمان ابي بكر الصديق وعمر رضي الله عنه عنهما بل قال كايمان الانبياء والمرسلين وجبريل وميكائيل عليهم السلام وهذا غلو منه فان الكفر مع الايمان كالعمى مع البصر ولا شك ان البصراء يختلفون في قوه البصر وضعفه فمنهم الاخفش والاعشى ومن يرى الخط الثخين دون الرفيع الا بزجاجه ونحوها ومن يرى عن قرب زائد على العاده واخر بضده ولهذا والله اعلم قال الشيخ رحمه الله واهله في اصله سواء يشير الى ان التساوي انما هو في اصله ولا يلزم منه التساوي من كل وجه بل تفاوت نور لا اله الا الله في قلوب اهلها لا يحصيه الا الله تعالى فمن الناس من نورها في قلبه كالشمس ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري واخر كالمشعل العظيم واخر كالسراج المضيء واخر كالسراج الضعيف ولها تظهر الانوار يوم القيامه بايمانهم وبين ايديهم على هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور الايمان والتوحيد علما وعملا وكلما اشتد نور هذه الكلمه وعظم احرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته بحيث انه ربما وصل الى حال لا يصادف شهوه ولا شبهه ولا ذنبا الا احرقه وهذا حال الصادق في توحيده فسماء ايمانه قد خرست بالنجوم من كل سارق ومن عرف هذا عرف معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله وقوله لا يدخل النار من قال لا اله الا الله وما جاء من هذا النوع من الاحاديث التي اشكلت على كثير من الناس حتى ظنها بعضهم منسوخه وظنها بعضهم قبل ورود الاوامر والنواهي وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار واول بعضهم الدخول بالخلود ونحو ذلك اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
8 - والشارع صلوات الله عليه لم يجعل ذلك حاصلا بمجرد قول اللسان فقط اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
9 - فان هذا معلوم بالاضطرار من دين الاسلام فان المنافقين يقولونها بالسنتهم وهم تحت الجاحدين في الدرك الاسفل من النار اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
10 - فان الاعمال لا تتفاضل بصورها وعددها وانما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
11 - وتامل حديث البطاقه التي توضع في كفه ويقابلها تسعه وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر فتثقل البطاقه وتطيش السجلات فلا يعذب صاحبها اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
12 - ومعلوم ان كل موحد له مثل هذه البطاقه وكثير منهم يدخل النار اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
13 - وتامل ما قام بقلب قاتل المائه من حقائق الايمان التي لم تشغله عند السياق عن السير الى القريه وحملته وهو بتلك الحال ان جعل ينوء بصدره وهو يعالج سكرات الموت اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
14 - وتامل ما قام بقلب البغي من الايمان بغي بني اسرائيل حين نزعت موقها وسقت الكلب من الركيه فغفر لها اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
15 - وهكذا العقل ايضا فانه يقبل التفاضل العقل والحكمه والبيان وكل ما هو من هذه المعاني واهله في اصله سواء مستوون في انهم عقلاء غير مجانين وبعضهم اعقل من بعض اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
16 - واما زياده الايمان من جهه الاجمال والتفصيل فمعلوم انه لا يجب في اول الامر ما وجب بعد نزول القران كله ولا يجب على كل احد من الايمان المفصل مما اخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ما يجب على من بلغه خبره كما في حق النجاشي وامثاله واما الزياده بالعمل والتصديق المستلزم لعمل القلب والجوارح فهو اكمل من التصديق الذي لا يستلزمه فالعلم الذي يعمل به صاحبه اكمل من العلم الذي لا يعمل به فاذا لم يحصل اللازم دل على ضعف الملزوم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس المخبر كالمعاين وموسى عليه السلام لما اخبر ان قومه عبدوا العجل لم يلق الالواح فلما راهم قد عبدوه القاها وليس ذلك لشك موسى في خبر الله لكن المخبر وان جزم بصدق المخبر فقد لا يتصور المخبر به نفسه كما يتصوره اذا عاينه كما قال ابراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه وعلى نبينا محمد رب ارني كيف تحي الموتى قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي البقره وايضا فمن وجب عليه الحج والزكاه مثلا يجب عليه من الايمان ان يعلم ما امر به ويؤمن بان الله اوجب عليه مالا يجب على غيره الا مجملا وهذا يجب عليه في الايمان المفصل وكذلك الرجل اول ما يسلم انما يجب عليه الاقرار المجمل ثم اذا جاء وقت الصلاه كان عليه ان يؤمن بوجوبها ويؤديها فلم يتساو الناس فيما امروا به من الايمان ولا شك ان من قام بقلبه التصديق الجازم الذي لا يقوى على معارضته شهوه ولا شبهه لا تقع معه معصيه ولولا ما حصل له من الشهوه والشبهه او احداهما لما عصى بل يشتغل قلبه ذلك الوقت بما يواقعه من المعصيه فيغيب عنه التصديق والوعيد فيعصي ولهذا والله اعلم قال صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن الحديث فهو حين يزني يغيب عنه تصديقه بحرمه الزنى وان بقي اصل التصديق في قلبه ثم يعاوده فان المتقين كما وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون الاعراف قال ليث عن مجاهد هو الرجل يهم بالذنب فيذكر الله فيدعه والشهوه والغضب مبدا السيئات فاذا ابصر رجع ثم قال تعالى واخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون الاعراف اي واخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي ثم لا يقصرون قال ابن عباس رضي الله عنهما لا الانس تقصر عن السيئات ولا الشياطين تمسك عنهم فاذا لم يبصر يبقى قلبه في عمى والشيطان يمده في غيه وان كان التصديق في قلبه لم يكذب فذلك النور والابصار وتلك الخشيه والخوف تخرج من قلبه وهذا كما ان الانسان يغمض عينيه فلا يرى وان لم يكن اعمى فكذلك القلب بما يغشاه من رين الذنوب لا يبصر الحق وان لم يكن اعمى كعمى الكافر وجاء هذا المعنى مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا زنى العبد نزع منه الايمان فاذا تاب اعيد اليه اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
17 - واذا كان النزاع في هذه المساله بين اهل السنه نزاعا لفظيا فلا محذور فيه اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
18 - سوى ما يحصل من عدوان احدى الطائفتين على الاخرى والافتراق بسبب ذلك اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
19 - وان يصير ذلك ذريعه الى بدع اهل الكلام المذموم من اهل الارجاء ونحوهم والى ظهور الفسق والمعاصي بان يقول انا مسلم حقا كامل الايمان والاسلام ولي من اولياء الله اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
20 - فلا يبالي بما يكون منه من المعاصي وبهذا المعنى قالت المرجئه لا يضر مع الايمان ذنب لمن عمله وهذا باطل قطعا اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
21 - فالامام ابو حنفيه رضي الله تعالى عنه نظر الى حقيقه الايمان لغه مع ادله من كلام الشارع وبقيه الائمه رحمهم الله نظروا الى حقيقته في عرف الشارع فان الشارع ضم الى التصديق اوصافا وشرائط كما في الصلاه والصوم والحج ونحو ذلك فمن ادله اصحاب ابي حنيفه رحمه الله ان الايمان في اللغه عباره عن التصديق قال تعالى مخبرا عن اخوه يوسف وما انت بمؤمن لنا يوسف اي بمصدق لنا ومنهم من ادعى اجماع اهل اللغه على ذلك ثم هذا المعنى اللغوي وهو التصديق بالقلب هو الواجب على العبد حقا لله وهو ان يصدق الرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله فمن صدق الرسول فيما جاء به من عند الله فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى والاقرار شرط اجراء احكام الاسلام في الدنيا هذا على احد القولين كما تقدم ولانه ضد الكفر هو التكذيب والجحود وهما يكونان بالقلب فكذا ما يضادهما وقوله الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان النحل يدل على ان القلب هو موضع الايمان لا اللسان ولانه لو كان مركبا من قول وعمل لزال كله بزوال جزئه ولان العمل قد عطف على الايمان والعطف يقتضي المغايره قال تعالى امنوا وعملوا الصالحات في مواضع من القران اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..