شرح إبن أبي العز
شرح ابن أبي العز بحسب الفقرات المختارة .
1 -
قال الطحاوي رحمه الله تعالى:
[ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم].
قال ابن أبي العز رحمه الله:
[قال تعالى: ((بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ))[البروج:22]، وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله خلق لوحاً محفوظاً، من درة بيضاء، صفحاتها ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، لله فيه كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة، وعرضه ما بين السماء والأرض، ينظر فيه كل يوم ستين وثلاثمائة نظرة، يخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاؤه).
اللوح المذكور: هو الذي كتب الله مقادير الخلائق فيه، والقلم المذكور: هو الذي خلقه الله وكتب به في اللوح المذكور المقادير، كما في سنن أبي داود عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب، قال: يا رب! وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة).
واختلف العلماء: هل القلم أول المخلوقات أو العرش؟ على قولين ذكرهما الحافظ أبو العلاء الهمداني أصحهما: أن العرش قبل القلم؛ لما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة قال: وعرشه على الماء)، فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم بحديث عبادة، هذا ولا يخلو قوله: (أول ما خلق الله القلم)... إلخ من احتمالات عبادة بن الصامت، إما أن يكون جملة أو جملتين، فإن كان جملة -وهو الصحيح- كان معناه: أنه عند أول خلقه قال له: (اكتب) كما في اللفظ: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب) بنصب (أول) و(القلم) وإن كان جملتين -وهو مروي برفع (أول) و(القلم)- فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم، فيتفق الحديثان، إذ حديث عبد الله بن عمرو صريح في أن العرش سابق على التقدير، والتقدير مقارن لخلق القلم، وفي اللفظ الآخر: (لما خلق الله القلم قال له: اكتب)، فهذا القلم أول الأقلام وأفضلها وأجلها، وقد قال غير واحد من أهل التفسير: إنه القلم الذي أقسم الله به في قوله تعالى: ((ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ))[القلم:1].
والقلم الثاني: قلم الوحي، وهو الذي يكتب به وحي الله إلى أنبيائه ورسله، وأصحاب هذا القلم هم الحكام على العالم والأقلام كلها خدم لأقلامهم، وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام فهذه الأقلام هي التي تكتب ما يوحيه الله تبارك وتعالى من الأمور التي يدبرها، أمر العالم العلوي والسفلي]
اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..