شرح ابن أبي العز بحسب الفقرات المختارة .

1 - قال الإمام الطحاوي: [قديم بلا ابتداء ، دائم بلا انتهاء] قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال الله تعالى: ((هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِر)) [الحديد:3] وقال صلى الله عليه وسلم: ( اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ) فقول الشيخ -رحمه الله-: [ قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء ] هو معنى اسمه : الأول والآخر. والعلم بثبوت هذين الوصفين مستقر في الفطرة فإن الموجودات لابد أن تنتهي إلى واجب الوجود لذاته. قطعاً للتسلسل فإنا نشاهد حدوث الحيوان، والنبات، والمعادن، وحوادث الجو، كالسحاب والمطر، وغير ذلك، وهذه الحوادث وغيرها ليست ممتنعة ، فإن الممتنع لا يوجد، ولا واجبة الوجود بنفسها، فإن واجب الوجود بنفسه لا يقبل العدم ، وهذه كانت معدومة، ثم وجدت، فعدمها ينفي وجودها، ووجودها ينفي امتناعها ، وما كان قابلاً للوجود والعدم لم يكن وجوده بنفسه ، كما قال تعالى: ((أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)) [الطور: 35]. يقول سبحانه: أحَدَثوا من غير محدثٍ أم هم أحدثوا أنفسهم ؟ ومعلوم أن الشيء المحدث لا يوجد نفسه فالممكن الذي ليس له من نفسه وجود ولا عدم لا يكون موجوداً بنفسه بل إن حصل ما يوجده ، وإلا كان معدوماً ، وكل ما أمكن وجوده بدلاً عن عدمه، وعدمه بدلاً عن وجوده ، فليس له من نفسه وجود ولا عدم لازم له . وإذا تأمل الفاضل غاية ما يذكره المتكلمون والفلاسفة من الطرق العقلية وجد الصواب منها يعود إلى بعض ما ذكر في القرآن من الطرق العقلية بأفصح عبارة وأوجزها ، وفي طرق القرآن من تمام البيان والتحقيق ، ما لا يوجد عندهم مثله ، قال تعالى: ((وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً)) [الفرقان: 33] ولا نقول: لا ينفع الاستدلال بالمقدمات الخفية، والأدلة الطويلة، فإن الخفاء والظهور من الأمور النسبية، فربما ظهر لبعض الناس ما خفي على غيره ويظهر للإنسان الواحد في حال ما خفي عليه في حالٍ أخرى. وأيضاً فالمقدمات وإن كانت خفية، فقد يسلمها بعض الناس وينازع فيما هو أجلى منها ، وقد تفرح النفس بما علمته بالبحث والنظر ما لا تفرح بما علمته من الأمور الظاهرة، ولا شك أن العلم بإثبات الصانع، ووجوب وجوده أمر ضروري فطري، وإن كان يحصل لبعض الناس من الشبه ما يخرجه إلى الطرق النظرية]. اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
2 - [وقد أدخل المتكلمون في أسماء الله تعالى "القديم" وليس هو من الأسماء الحسنى فإن "القديم" في لغة العرب التي نزل بها القرآن: هو المتقدم على غيره، فيقال : هذا قديم للعتيق وهذا حديث للجديد ، ولم يستعملوا هذا الاسم إلا في المتقدم على غيره، لا فيما لم يسبقه عدم كما قال تعالى: ((حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)) [يس :39] . والعرجون القديم : الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني ، فإذا وجد الجديد قيل للأول : قديم، وقال تعالى: ((وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيم))ٌ [الأحقاف: 11] . أي: متقدم في الزمان وقال تعالى: ((قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ)) [الشعراء:75، 76] . فالأقدم مبالغة في القديم، ومنه: القول القديم والجديد للشافعي -رحمه الله- وقال تعالى :((يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّار)) [هود :98] ، أي : يتقدمهم ، ويستعمل منه الفعل لازماً ومتعدياً كما يقال أخذني ما قدم وما حدث ويقال : هذا قدم هذا وهو يقدمه، ومنه سميت القدم قدماً لأنها تقدم بقية بدن الإنسان، وأما إدخال "القديم" في أسماء الله تعالى فهو المشهور عند أكثر أهل الكلام وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف منهم ابن حزم ولا ريب أنه إذا كان مستعملاً في نفس التقدم، فإن ما تقدم على الحوادث كلها، فهو أحق بالتقدم من غيره لكن أسماء الله تعالى هي الأسماء الحسنى التي تدل على خصوص ما يمدح به، والتقدم في اللغة مطلق لا يختص بالتقدم على الحوادث كلها ، فلا يكون من الأسماء الحسنى، وجاء الشرع باسمه "الأول". وهو أحسن من "القديم"، لأنه يشعر بأن ما بعده آيلٌ إليه وتابع له بخلاف "القديم" والله تعالى له الأسماء الحسنى لا الحسنة] اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..