شرح ابن أبي العز بحسب الفقرات المختارة .

1 - قال أبو جعفر الطحاوي: [ والحوض -الذي أكرمه الله تعالى به غياثاً لأمته- حقّ] قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الأحاديث الواردة في ذكر الحوض تبلغ حد التواتر ، رواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابياً ، رضي الله عنهم ، ولقد استقصى طرقها شيخنا الشيخ عماد الدين بن كثير تغمده الله برحمته في آخر تاريخه الكبير المسمى بالبداية والنهاية. فمنها ما رواه البخاري رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن قدر حوضي كما بين أيلة إلى صنعاء من اليمن، وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء ). وعنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول: أصيحابي . فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك ) ورواه مسلم، وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءةً فرفع رأسه متبسماً، إما قال لهم -وإما قالوا له: لم ضحكت؟- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه نزلت عليّ آنفاً سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم: (( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)) [الكوثر:1] حتى ختمها، ثم قال: هل تدرون ما الكوثر ، قالوا: الله ورسوله أعلم قال: هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة، عليه خير كثير، ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم ، فأقول: يارب! إنه من أمتي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) ورواه مسلم، ولفظه: ( فإنه نهر وعدنيه ربي، عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ) والباقي مثله . ومعنى ذلك أنه يشخب فيه ميزابان من ذلك الكوثر إلى الحوض ]. اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
2 - [ والحوض في العرصات قبل الصراط، لأنه يختلج عنه، ويمنع منه أقوام قد ارتدوا على أعقابهم، ومثل هؤلاء لا يجاوزون الصراط، وروى البخاري و مسلم عن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أنا فرطكم على الحوض ) والفرط الذي يسبق إلى الماء، وروى البخاري عن سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً ليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم ) قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدث هذا، فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم فقال: أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها (فأقول: إنهم من أمتي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً! لمن غير بعدي ) سحقاً: أي بعداً، والذي يتلخص من الأحاديث الواردة في صفة الحوض: أنه حوض عظيم، ومورد كريم، يمد من شراب الجنة، من نهر الكوثر، الذي هو أشد بياضاً من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحاً من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر، وفي بعض الأحاديث: ( أنه كلما شرب منه وهو في زيادة واتساع، وأنه ينبت في حالٍ من المسك والرضراض من اللؤلؤ وقضبان الذهب ويثمر ألوان الجواهر ) فسبحان الخالق الذي لا يعجزه شيء، وقد ورد في أحاديث أن لكل نبي حوضا، وأن حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، أعظمها وأجلها وأكثرها واردا، جعلنا الله منهم بفضله وكرمه. قال العلامة أبو عبدالله القرطبي رحمه الله تعالى في التذكرة: واختلف في الميزان والحوض: أيهما يكون قبل الآخر؟ فقيل: الميزان وقيل: الحوض قال أبو الحسن القابسي: والصحيح أن الحوض قبل . قال: القرطبي: والمعنى يقتضيه فإن الناس يخرجون عطاشاً من قبورهم كما تقدم، فيقدم قبل الميزان والصراط، قال أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتاب كشف علم الآخره: حكى بعض السلف من أهل التصنيف أن الحوض يورد بعد الصراط، وهو غلط من قائله، قال القرطبي: هو كما قال، ثم قال القرطبي: ولا يخطر ببالك أنه في هذه الأرض، بل في الأرض المبدلة، أرض بيضاء كالفضة لم يسفك فيها دم، ولم يظلم على ظهرها أحد قط، تظهر لنزول الجبار جل جلاله، لفصل القضاء . انتهى، فقاتل الله المنكرين، لوجود الحوض وأخلق بهم أن يُحال بينهم وبين وروده يوم العطش الأكبر ]. اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..