شرح ابن أبي العز بحسب الفقرات المختارة .

1 - [ وكان من حديث الإسراء أنه صلى الله عليه وسلم أسري بجسده في اليقظة، على الصحيح، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، راكباً على البراق، صحبة جبريل عليه السلام، فنزل هناك وصلى بالأنبياء إماماً، وربط البراق بحلقة باب المسجد وقد قيل: إنه نزل ببيت لحم وصلى فيه، ولا يصح عنه ذلك ألبتة. ثم عُرِجَ به من بيت المقدس تلك الليلة إلى السماء الدنيا، فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأى هناك آدم أبا البشر فسلم عليه، فرحب به ورد عليه السلام وأقر بنبوته، ثم عرج به إلى السماء الثانية فاستفتح له فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، فلقيهما فسلم عليهما فردا عليه السلام، ورحبا به وأقرا بنبوته، ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف، فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به، وأقر بنبوته، ثم عرج به إلى السماء الرابعة، فرأى فيها إدريس، فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته، ثم عرج به إلى السماء الخامسة، فرأى فيها هارون بن عمران، فسلم عليه ورحب به، وأقر بنبوته، ثم عرج به إلى السماء السادسة فلقي فيها موسى فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته، فلما جاوزه بكى موسى، فقيل له ما يبكيك؟ قال أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي، ثم عرج به إلى السماء السابعة فلقي فيها إبراهيم، فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته، ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم رفع له البيت المعمور، ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مر على موسى فقال: بم أُمِرتَ؟ قال: بخمسين صلاة فقال : إن أمتك لا تطيق ذلك،، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك فأشار أن نعم، إن شئت، فعلى به جبريل حتى أتى به إلى الجبار تبارك وتعالى، وهو في مكانه؛ هذا لفظ البخاري في صحيحه، وفي بعض الطرق فوضع عنه عشراً، ثم نزل حتى مر بموسى فأخبره، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله تبارك وتعالى حتى جعلها خمساً، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف، فقال: قد استحييت من ربي ولكن أرضى وأسلم، فلما نفذ نادى منادٍ : قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي]. اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
2 - [وقد تقدم ذكر اختلاف الصحابة في رؤيته صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل بعين رأسه، وأن الصحيح أنه رآه بقلبه ولم يره بعين رأسه، وقوله: ((مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى))[النجم:11] ((وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى))[النجم:13] صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين على صورته التي خلق عليها. وأما قوله تعالى في سورة النجم: ((ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى)) [النجم:8] فهو غير الدنو والتدلي المذكورين في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه، كما قالت عائشة وابن مسعود رضي الله عنهما فإنه قال: ((عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى)) [النجم:5-8] فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى، وأما الدنو والتدلي الذي في حديث الإسراء ، فذلك صريح في أنه دنو الرب تعالى وتدليه، وأما الذي في سورة النجم أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، فهذا هو جبريل رآه مرتين، مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى . ومما يدل على أن الإسراء بجسده في اليقظة قوله تعالى: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)) [الإسراء:1] والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح، هذا هو المعروف عند الإطلاق، وهو الصحيح فيكون الإسراء بهذا المجموع، ولا يمتنع ذلك عقلاً، ولو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة، وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة؛ وهو كفر ] . اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..
3 - [ فإن قيل: فما الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس أولاً ؟ فالجواب والله أعلم: أنه ذلك كان إظهاراً لصدق دعوى الرسول صلى الله عليه وسلم المعراج حين سألته قريش عن نعت بيت المقدس، فنعته لهم، وأخبرهم عن عيرهم التي مر عليها في طريقه ، ولو كان عروجه إلى السماء من مكة لما حصل ذلك، إذ لا يمكن إطَّلاعهم على ما في السماء لو أخبرهم عنه، وقد اطلعوا على بيت المقدس فأخبرهم بنعته . وفي حديث المعراج دليل على ثبوت صفة العلو لله تعالى من وجوه لمن تدبره، وبالله التوفيق] اضغط هنا للانتقال إلى شرح الشيخ سفر لهذه الفقرة ..