كلمة المعرفة ينكرها بعض الناس؛ لأن الصوفية يسمون الإِنسَان الذي بلغ عندهم درجةً ما "العارف"، وهذا المصطلح غريب عَلَى الإسلام.
لكن معرفة الله ليست غريبة؛ بل وردت في الحديث الصحيح في إحدى روايات حديث معاذ بن جبل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عندما أرسله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اليمن قَالَ: {فإذا هم عرفوا الله فأنبئهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات} والشاهد أن هذه اللفظة في ذاتها لا غبار عليها، وإنما الخطأ في إطلاق كلمة العارف في المصطلح المتداول عند الصوفية، فالدرجات عندنا: مسلم ثُمَّ مؤمن ثُمَّ محسن.
وهناك صفات أخرى وهي: المتقون، المفلحون، الفائزون، إِلَى آخره وليس فيها ولا منها العارفون.
فمعرفة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هي الأصل الأول من أصول المعرفة ثُمَّ معرفة الطريق الذي يوصل إِلَى رضا وطاعة الله وهو حقيقة الشريعة، ومعرفة أحكام الحلال والحرام.
فنعرف أولاً: التوحيد.
ثُمَّ نعرف ثانياً: الفقه والشريعة -أي: معرفة الحلال والحرام-.
ثُمَّ نعرف ثالثاً: مصيرنا، فنعرف أخبار الآخرة وما يتعلق بها، وما هو حالنا عند الموت وبعده، وما هو حالنا في العالم الآخر.
فمن عرف هذه الثلاث اكتملت معرفته الضرورية في معرفة دينه، وهي وإن كانت -أي: معرفة أخبار الآخرة، وما يتعلق بها- مما لا يتعبد بها عملاً لكنها مما ينبغي معرفتها اعتقاداً.

قَولُ المُصنِّفِ رحمه الله تعالى: ولهذا سمى الله... إلخ.
الإشارة هنا "ولهذا" تعود إِلَى التعليل، والغرض من التعليل إثبات أن العقول لا تستقل بمعرفة الله وأنه يلزم أن تكون تابعة للشرع، ولهذا سَمّى الله ما أنزله عَلَى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ روحاً وسماه نوراً، وسماه شفاءً.