الدعوة: الرأسمالية الكالحة تسيطر على أوروبا، فما سبب هذه السيطرة وما تبعاتها على المسلمين؟.
* في اعتقادي أن الرأسمالية عبارة عن فلسفة ومنهج مادي لا ينطلق ضرورة من خصوصية قومية أو دينية, بمعنى أنها لا تعير اهتمامًا لقيم الدين، ولا للسمات الثقافية المميزة للشعوب على غيرها، فلن تجد أرضًا خصبة كـأوروبا, أعني في نشأتها, وإلا فأنت تعلم أنها الآن تسيطر على الغرب كله, وعلى مجتمعات أخرى خارجه.
فالرأسمالية تسقط كل القيم والحدود مقابل الاقتصاد الذي تجعله الأولوية, والذي تتخطى به كل الحواجز وكل الحدود الجغرافية، ولهذا تجدها منذ عصر الكشوفات الجغرافية تسيطر بوجهها الكالح على أوروبا, وتحفز الأوروبيين للتنافس الضاري على خيرات العالم كله.
وحين أدركت أمريكا أهمية النظام الرأسمالي في نسف أي قوة منافسة جعلته رأس حربتها في مواجهة الاتحاد السوفيتي، وهو الأطروحة التي تتزعمها.
وخلاصة القول: إن العقيدة الغربية بعد عصر التمرد على الكنيسة تتعبد للقوة والثراء والنفوذ، وذلك ما لا يتوافر في غير هذا النظام، وهذا يأخذ أشكالًا متعددة ومتنوعة؛ من تدخل وعدوان عسكري, وفرض شروطها وقيودها, واستخدام كل ما تملكه من وسائط التأثير لأجل الهيمنة واستنزاف مقدرات وثروات الأمم الأخرى، وما الحرب القائمة اليوم المسماة الحرب على الإرهاب إلا طريقة من طرق خدمة هذا الهدف: الاعتداء على أمن الدول وسيادتها.
فالحرب ضد الإرهاب إنما هي غطاء أيدلوجي على الصورة الحقيقية للصراع؛ لتعمية العقول عن إدراك حقيقة هذه الحرب المتعددة الوجوه، كما أن الشعارات التي تقال عند قيام أي حرب ليست عبارات غير مقصودة كما يفسرها البعض، بل هي مقصودة ومعنية.
ومن ذلك ما قيل من أن الحرب صليبية, فهي صليبية رأس المال، وإن شئت قلت رأسمالية اليمين الصليبي الصهيوني.
فالمسلسل تديره مجموعة من الرأسماليين العتاة, والأصولية الصهيونية غطاء ضروري, وإذا انكشف ــ وقد يحدث هذا في الانتخابات الأمريكية القادمة ــ فسوف يبحث المرابون والمطففون العالميون عن شعار آخر.