لا توحيد ــ على الحقيقة ــ إلا ما أرسل الله به رسله وأنزله في كتبه، وهو الإيمان بأن الله تعالى واحد، وعبادته وحده لا شريك له؛ فهذا هو التوحيد المطلق، أما إذا قيّد بطائفةٍ أو أحدٍ من الناس فهو حسب من يضاف إليه.
ونحن هنا حين نتحدث عن الموحدين من النصارى فإننا نعني بها الفرقة النصرانية التي تعتقد أن الله واحد, وأن المسيح رسول الله, وترفض التثليث, وتتمثل في كنيسة (جماعة دينية) تؤمن بالوحي والعبادة، وبذلك يتميّزون عن عامّة الكنائس النصرانية التي تؤمن بعقيدة التثليث المنصوص عليها في قانون الإيمان الذي أقره مجمع (نيقية) , كما يتميزون في العصر الحديث عن منكري التثليث على أساس إنكار الخالق تعالى مطلقًا, أو على أساس إنكار الوحي مع الإقرار بالخالق؛ لأن هؤلاء على الحقيقة ليسوا من النصرانية في شيء, وإن كان هذا التمييز غير جلِّي في تاريخ الفكر الغربي الحديث كما سنرى.