أوقد المجاهدون في العراق شرارة الجهاد الإسلامي، وسطروا بطولات عظيمة وانتصارات مجيدة، وأذاقوا المحتل أصناف النكايات، وجرعوه مرارة الهزائم، فعاد خاسراً ذليلاً حقيراً، بعد أن كانوا يتبجحون بقواهم التي لا تقهر كما زعموا.

  1. يا قاهر الكفر

    تندلع شرارة الجهاد الإسلامي في العراق فتفاجئ المحتل وتقلب الموازين وتكشف وهن أكبر ترسانة عسكرية وقوة بأس المسلم المجاهد.. ومع فجر البطولات وسيل العمليات .. كانت هذه القصيدة
    الآن يزهو على راياتِك الشرفُ            ويَسقط البغيُ والعدوانُ والصَّلفُ
    يا قاهرَ الكفرِ مهما ارتدَّ صائلُهُ             لا الضيمَ ترضى ولا بالجرح تعترفُ
    تألقَ الشعرُ ألحاناً مرفرِفةً            لما رأى جندَك الأبطالَ قد عَزَفوا
    يا أيها الشِّعرُ مهلاً فالعراقُ لهُ            من البطولاتِ شأنٌ فوقَ ما تصفُ
    هو العراقُ عراقَ الدينِ ديدَنُه            أن يجعلَ النصرَ يَنبوعاً ويرتشفُ
    مضمارُهُ النصرُ والإيمانُ رائدُهُ            يكبو ولكنه في ساعةٍ يقفُ
    برجٌ من العزمِ لما ماج ساحلُه            سعت إليه شعوبُ الأرض تغترفُ
    يا قاهرَ الكفرِ علِّمها بأن لنا            دِيناً عن المللِ العوجاءِ يختلفُ
    وأننا ما غزانا أمةٌ أبدا            إلا وغايتُها الخسرانُ والتلفُ
    ترى الظباةَ التي فَلّت إذا وُضِعَت            على ثَرى الرافدَين انتابها الرَّهفُ
    ولو ركَزتَ القَنا فيها وقد ثَنِيَت            لَقَوّمَتْها فلا أمْتٌ ولا حَنَفُ
    جحافلُ الرومِ غاصت في مَخاضتِه            والأرضُ مِن تحتها للثأر ترتَجفُ
    جاءتكَ مغرورةً والبغيُ حافِزُها            فأنت منها بحدِّ النار تَنتصفُ
    عدلٌ من الله أن أغرى زعامَتهم             فأرسلَتْهم لكي يَشقُوا بما اقترَفوا
    بغدادُ ما سقطت لكنها انحرفت            واستدرجَتهم فلا حَلّوا ولا انصَرفوا
    شَدّوا حصاراً فَشدّت عزمَها أبداً            كي لا يُنَهنِهَ مِن بأسائها الترفُ
    تَشوَّفَت فاستعدّت فاعتَلت شُهُباً            مِثلَ العُقاب الذي يهوِي وينعطِفُ
    في لمحةٍ ما كأنّ الدهرَ يَطرِفها             قام الرجاءُ وولى الغَمُّ والأسفُ
    ما سَطّرَ المجدُ للأبطالِ ملحمةً            فنحن في صفحتَيه الياءُ والألفُ
    لسنا كما استسلمَ الألمانُ في هلعٍ            ولا كما خضع الجابانُ واعترَفوا
    وما فِيِتْنامُ؟ كان الشرقُ يرفِدها            وكان مِن خلفِها الأحلافُ والخَلَفُ
    ونحن كالسيف نضواً لا قِرابَ له            صُدُورُنا حاسراتٌ والوغى وجَفُ
    لا نلتقي ودروعُ الُجبنِ تحرُسُهم             إلا كما يلتقي الجَلمودُ والخزَفُ
    لونٌ من الحرب فَذٌ لا نظيرَ له             ماجتْ له الأرضُ وانهارت له السُّقُفُ
    كتائبُ الروم تَقضي وهي حائرةٌ            تمشي وقد دبّ في أوصالها النَّغَفُ
    في كل زاوية قَرمٌ يُباغتُهم             في كل منعطفٍ فخٌ له شَنفُ
    كم قائدٍ وَدّ لو ألقى قلانِسَه            وأنه بلباسِ العار يلتحفُ
    ما بين بغدادَ والفلوجةِ انتصبَت            كُبرى الأخاديدِ فالنيرانُ تلتهفُ
    لله جندٌ إلى الزوراء مأرِزُه            قِصاصُه العدلُ لا حَيفٌ ولا جَنفُ
    ضجَّت لتكبيره الأنبارُ فانتفضَت            وطار منها بُغاثُ الغدر وانقَصَفوا
    وحصنُ بعقوبةَ الآسادُ تَحرُسُه             لله ما أضرَمُوا فيها وما نَسفوا
    وأرضُ زِنكي وقد شَدَّت مشاعرَها            للقدسِ والدمعُ في آماقِها يَكِفُ
    منها سينطلقُ الإعصارُ ثانيةً            يجتاحُ صهيونَ لا يخبو ولا يقفُ
    في كل يومٍ ترى الأرتالَ خاويةً            كما تَناثرَ فوقَ الشاطئ الصَّدَفُ
    وألفُ حوامةٍ في الجوِّ لاهثةٌ            لكي تُناطَ بها الأشلاءُ والجِيَفُ
    ويلُ العلوج التي ذابت جماجمُها             كما تذوبُ على صخر اللظى النُّطَفُ
    للشمس لفحٌ كما للريح زَمجرةٌ            على الغُزاة وللأنهار مُنعطَفُ
    لا شيءَ في أرضكِ الشماءِ يَقبلُهم            إلا الحثالةَ لا دِينٌ ولا شرفُ
    لا يأنفُ الذلَّ من خاست أَرُومتُه            وإن يكنْ بين قومٍ كلِّهم أُنفُ
    إن الدياثةَ في الأديان مَنقصَةٌ            عن الدياثة في الأعراض لو عَرفوا
    يا بصرةَ الثغرِ ثوري غيرَ هائبةٍ            فربما سلَكَت آثارَكِ النَّجفُ
    حَقٌّ على كل حُرٍّ أن يعلِّمهم            أن الغُزاةَ غزاةٌ أينما ثُقِفوا
    يا حسرةَ الروم والأحلافِ كلِّهم             ألا يظنون أن الزيفَ منكشِفُ
    لا غَرْوَ أنْ كان خَلقُ الإفك حُجتَّهم             لكل قوم من الأخلاق ما ألِفوا
    جاءوا لإنقاذ لِيكودٍ وزُمرتِه             لكنهم دلّسوا بالزور واعتسفوا
    مَن غيرُهم أحرقَ الدنيا وأرهبَها             بكل ما حرّم الإنجيلُ والصحفُ
    لكنهم طفّفوا المكيالَ غطرسةً            وغرّهم سَوءتانِ: الكِبرُ والسرفُ
    والله أنزلَهم في أرضِ معمعة            تغوص فيها صياصيهِم وتنخسفُ
    يا من تظنون أن الرومَ صادقةٌ            إذا زحفنا إليهم غارةً زحفوا
    سلوا العراقَ فإن الوهم مَجبنةٌ            والرومُ أحلامُها قد هدّها الخرفُ
    لكننا نحن أوصالٌ ممزعةٌ            وكلُّ حزب على أصنامهم عَكَفوا
    فإن نشأْ يجمعِ الرحمنُ رايتَنا             صفاً تلاصقَ فيه الكعبُ والكتفُ
    الله أكبر ...لم يخسـر مجـاهدُهـا            وإنما خـاب من عادَوه وانخسفوا