السؤال: هناك سؤال يا شيخ! ورد كثيراً ودائماً ما تتكرر في أسئلة طويلة ومختصرة؛ يقول: ظهرت في الوسط الدعوي النسائي ظاهرة التحزب والتبديع والتفسيق للأسف عند بعض المنتسبات للعلم والصلاح, فما موقفنا نحن خاصة ممن اكتوين بذلك؟ هل نهملهم أم نرد عليهم أم نسعى للإصلاح؟ وإذا كانوا غير راغبين في الإصلاح فكيف نتعامل معهم؟الجواب: هذه القضية تكفيها الإشارة؛ لأنها داء وعقوبة لمن ابتلاه الله سبحانه وتعالى بذلك، هي أولاً عقوبة له.وأقول لكم من باب الأخوة في الله والمحبة والنصيحة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع عليها "النصح لكل مسلم": والله لا تجد أحداً ذكراً كان أو أنثى اشتغل بعيوب غيره حتى لو كان محقاً إلا وجد قسوة في قلبه.وكان السلف الذين نيط بهم هذا المجهود الهائل في تنقيح الأحاديث وتصحيحها والحكم على الرواة؛ يبكي أحدهم حينما يقول: فلان غير ثقة، وهو يعرف عبادته وزهده وأخلاقه فيقولها بحرقة وألم، لأنه يجب أن يدافع عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويبين أن الرجل هذا -مهما كان فيه من الجهاد والخير والفضل- في الرواية وفي الحفظ وفي الإتقان ضعيف، أو أنه ما أدرك فلاناً, وإن قال: عن فلان فهو ما أدركه، فيجب أن تبين هذه في حالة الضرورة؛ لحفظ دين الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما أن تستهل في حق إخواننا المسلمين الدعاة.. سبحان الله!!دائماً يجب ألا ننسى أنه هناك أحكام الآخرة, وهناك أحكام الدنيا -وهذه من عجائب هذا الدين أنه من عند الله، حتى كلام النبي صلى الله عليه وسلم- لكن ما يتعلق بالعمل المقرب إلى الله والمدخل إلى الجنة فهو مرتبط بالإيمان، ففي القرآن تجد: المؤمنين.. المتقين.. المصطفين الأخيار، أي اسم مدح من طبقة الإيمان فما فوق.لكن في حقوق العباد -وهذا الشاهد- أن الارتباط يكون بالإسلام فقط؛ كما في الحديث: (
حق المسلم على المسلم )، (
المسلم من سلم المسلمون لسانه ويده ).. إلى آخره. لماذا؟؟ لأن الحقوق المتعلقة بالعباد رَاعِ فيها الجانب الأدنى، فما دام أنه مسلم أو مسلمة فلا تتكلم في عرضه على الإطلاق، هي منطقة محرمة: (
كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ). إذا كانت القضية قضية اختلاف وجهات النظر -أو ما أشبه- ممكن أن تقول الأخت الفاضلة: فلانة لي رأي يخالف رأيها، هي قالت كذا أنا أقول كذا ولا مشكلة، كما قال العلماء: نحن رجال وهم رجال، يمكن أن يقال مثلاً: نحن نساء وهن نساء، ليست هذه القضية, إنما القضية في الاشتغال بالعيوب أو التحزب لأشخاص أياً كانوا.نحن أمة واحدة, والعدو يتكتل عليناه كما ترون، العالم الغربي الآن يقتسمنا اقتساماً، بعدما
أمريكا أخذت
العراق وغضبت
أوروبا أعطوها
السودان و
لبنان لـ
فرنسا، - وكل واحد يأكل بطريقته الخاصة؛ طريقة الأكل والخلسة مختلفة؛ ومع أنه ليست
فرنسا ألمانيا...
ألمانيا بروتستانتية تكفر
الكاثوليك ولا تؤمن بالبابا, وتعتبره المسيح الدجال، و
فرنسا كاثوليكية، وهذه لها أهداف, وهذه لها أهداف، وهذه احتلت هذه أيام
هتلر؛ لكن الآن خطة ألمانية فرنسية واحدة علينا، كل العالم يتكتل على اختلاف أديانه وعلى اختلاف لغاته ونحن مع الأسف الشديد لا زلنا متفرقين. وحتى لو كانت الأمة غالبة مغلوبة فأنا أقول: إن أي إنسان يشغل نفسه بما لا خير فيه, ويشغل نفسه بشيء يقسي قبله فسوف يجد عاجل العقوبة.لا نحب أن نذكر ببعض الأشياء المؤلمة ولا نفرح بها، لكن أذكركم قبل عشر سنوات أو أكثر؛ راجت أشرطة ضد علماء ودعاة. اسأل الآن أين الذين روجوها!! اسأل من الذي انحرف منهم ولم يعد يعرف الصلاة ولا المسجد والعياذ بالله, ونسأل الله العفو والعافية. هل هناك عقوبة تتخيلها أنت أشد من هذا، لو جلد.. لو سجن.. لو ضرب.. لو أقيمت عليه الحدود؛ لكان أخف، لكن أكبر عقوبة يعاقب بها أن ينحرف عن الدين بالكلية؛ بينما كان يرى نفسه أهل للطعن في كل العلماء, وكل الدعاة, وكل المشايخ.أن تنتقل هذه الإشكالية للوسط النسائي مشكلة وكارثة؛ لأن الوسط النسائي ينبغي أن يكون فيه جانب الرقة والرحمة والرأفة أكثر, يجب كما نصحت أولاً أن نتعاون على طاعة الله سبحانه وتعالى، وكل أحد منا يزجر نفسه عن أي كلمة وأي شيء لا ينفعه في الآخرة.وهؤلاء الواقعون في هذه الإشكالية ينبغي علينا تجاههم ما يلي:ما يتعلق بحماية المجتمع منهم؛ فينبغي أن نبذل جهدنا في حماية المجتمع من هذه الأفكار بأبسط وأسهل ما نستطيع؛ حتى لا نحدث إثارات وبلبلات.ومن ناحية هؤلاء من تمحض منهم أو منهن لهذا البلاء نسأل الله أن يهديه, وأن يرده للصراط المستقيم وندعو له، ولا نناظره, ولا نرد عليه أبداً مهما قال, ومن كان لا يزال قريباً فيمكن أن يجتهد معها البعض ويدعها البعض. لكن المهم حماية الأجيال المؤمنة, وحماية مسيرة الصحوة المباركة من هذا النوع، الذين أقل ما يقال: أن كل من يتكلم فيه فهو من باب قول الله تبارك وتعالى: ((
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ))[البقرة:134].ولو كان الله تعالى يسألني عن عيوب الناس لكانت كارثة، والمشكلة في عيوبنا التي نسأل عنها، وثقوا يا إخواني! أن أي عامل لله بإخلاص لا يمكن أن يشغل نفسه بغير عيوبه وبغير ذنوبه.