الموقف من فتوى إباحة البنطلون للنساء
السؤال: نجد بعض الدعاة وطلبة العلم يفتون في قضايا المرأة, ويكون لهذه الفتاوى أثر عكسي على المجتمع النسائي, فيكون خذلاناً لمن يدعون إلى الفضيلة, مثل: فتوى إباحة لبس البنطلون، أو وضع العباءة على الكتف وغير ذلك، وبغض النظر عن الخلاف الفقهي فليس من المصلحة أن تعلن مثل هذه الفتاوى؛ فما رأي فضيلتكم؟الجواب: يا أخواتي الكريمات! مثل هذه الفتاوى أنا أقول: لا نجعلها قضية، فلا نريد أن نجد في المسجد فتاوى معلقة فيها تحريم لبس البنطلون, ولا أخرى فيها إباحة لبس البنطلون، فالقضية ليست في لبس البنطلون, فيجب أن يكون لدينا من سعة الأفق ومن الفهم ما نرجع فيه إلى الأصول والأساسيات. أنا أقول لكم: إن كثيراً من الأسئلة تأتيني على الهاتف من الأخوات فتقول إحداهن: أنا ألبس البنطلون لزوجي في البيت فهل يجوز أو لا يجوز؟! فأقول لها: سبحان الله! من قال لكِ: لا تلبسي؟ فتقول: لأن فيه أناساً يقولون: لبس البنطلون حرام. فهذا عجيب ألا يجوز لبس البنطلون حتى في البيت ولزوجها.المشكلة أننا نضع أموراً تفهم خطأ وقد تكون خطأ, وننقل المعركة إلى فرعيات أو شكليات أو مسائل من المظهر، لا أقول: من المظهر تحقيراً لها؛ لأن الإيمان عندنا أهل السنة والجماعة في عقيدتنا الإيمان ظاهر وباطن سواء، لكن الإيمان الباطن هو الأساس، والإيمان الظاهر يكفينا ما جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم لباس محدد للرجل ولا لباس محدد للمرأة، فلو أنك وكل واحد منا رجع بذهنه إلى التاريخ القديم ورأى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى الرجال والنساء لوجد أنواعاً من اللباس مختلفة؛ فهذه عباءة رومية، وهذه من برود اليمن, وهذه مما جاء من مصر وهذه من القطن، وهذا إزار ورداء، وهذا قميص طويل, وهذه جبة، وهذه عمامة، وهذه أخفاف, فكل واحد يلبس ما يناسبه، مثلما تدخل الآن أي مسجد من مساجد الرياض فيها الهندي والجاوى والعربي وغير ذلك، فهذا أمر عادي وهو المفروض، فالتشكيلة هذه بالفطرة والاجتماع موجود. المرأة إذا كان لباسها لا يصف ولا يشف فما عدا ذلك ليس فيه إشكال، أما كون بعض اللباس أفضل من بعض فهذا أمر آخر؛ لكن ليست المعركة فيه، فنحن نقول مثلاً: أن ترتدي المرأة كذا أفضل من أن ترتدي كذا, هذا ليس فيه إشكال، فلو كان الكلام ينصب حول هذا الموضوع نجد أنه يتقبل ذلك حتى من يفعل المفضول، أما أن تجعل هذه قضايا أساسية، وقد يترتب عليها أحياناً مولاة أو معادة, فهو مما نبهنا إلى أنه يفتح علينا ثغرات خطيرة، ويبعدنا عن أصل المعركة وأصل المشكلة.