إن الواضح في تاريخ البشرية جميعاً هو أن الفئة المؤمنة الموحدة، الذين يريدون عبادة الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له, والذين يحرصون على توحيد الله، ويريدون أن يروا هذا الإيمان -الذي يعلمونه ويعرفونه- منتشراً في واقع البشر, ويؤلمهم جداً أن يروا مظاهر الشرك ومظاهر الوثنية في الحضارات القديمة، وأن يروا هذه الوثنيات الطاغية؛ فلا يكاد بابلي أو آشوري أو آكادي أو غيرها من الشعوب المذكورة في التاريخ في العهد القديم أيضاً أو في غيره, لا يكاد يذكر إلا غير الله تعالى، يعبدون الأصنام.. يعبدون الأوثان.. يعبدون البشر والملوك، يصدقون العرافين والدجالين والكهنة.. يعبدون الكواكب والنجوم. فالتاريخ البشري بالنظر إلى الجاهلية هذه مظلم ومعتم جداً، فهؤلاء الذين يحترقون شوقاً إلى الخلاص الإيماني, وإلى الإيمان الحقيقي, وإلى أن يروا عبادة الله تبارك وتعالى تتحقق في هذه الأرض، يأتيهم العزاء والرجاء والأمل بأن الله تبارك وتعالى سوف يقيم مملكته أو ملكوته في هذه الحياة الدنيا بمن يأتي في آخر الزمان, ويظهر الله تبارك وتعالى على يديه الإيمان والتوحيد، ويدمر كل ممالك الشرك والكفر والطغيان التي على ظهر الأرض، ويحكم بالكتاب, ويحكم بالعدل, ويحكم بالرحمة, ويعظم جميع الأنبياء, وعلى يديه تبعث حياتهم، يعني: يبعث تاريخهم.. وتبعث آثارهم الطيبة.. وتبعث مآثرهم بعد أن راحوا في الأمم وتفرقوا؛ إما أهملوا في التاريخ, وإما قتلوا, وإما حرفت شرائعهم, إلى غير ذلك من المشكلات التي هي واضحة وظاهرة في التاريخ البشري.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع