الكشوفات الغربية في البلاد العربية الخاضعة لسيطرة الغرب
الواقع أن المكتشفات التي اكتشفت منذ أن بدأ القناصل الغربيون ينبشون الأرض في بلاد الشام وبلاد العراق , باعتبار تلك البلاد كانت خاضعة للدول الغربية, كلها كما لاحظنا فيما مضى فتحت أذهانهم إلى شيء عجيب جداً. مثلاً: إذا كان هيرودوت اليوناني هو أب التاريخ عندهم وهو عاش في القرن السادس قبل الميلاد! كانوا يظنون أنه أول المؤرخين أو أن تيودور الصقلي كذلك من أوائلهم أو ما أشبه ذلك، ثم اكتشفوا أن المسافة ما بينهم وما بين هيرودوت أقل بكثير -المسافة الزمنية- مما بين هيرودوت والحضارات والأمم القديمة التي لم يكن يعلم عنها هو ولا من جاء بعده شيئاً على الإطلاق أبداً, يعني: ليس هو أبا التاريخ, ولا يمكن أن يكون كذلك؛ التاريخ أعمق بكثير من ذلك.عندما فوجئوا بهذا شعروا بالنشوة, وشعروا أن هذا اكتشاف مذهل، فاستمروا على ذلك فترة طويلة -تقارب قرناً من الزمان, يعني: ما يقابل في تاريخنا الهجري القرن الرابع عشر تقريباً بأكمله ونصفاً من القرن الثالث عشر- الشاهد أنهم لما وجدوا ذلك أخذوا يزدادون شوقاً وتلهفاً وتطلعاً إلى من أين نبعت هذه الحضارة؟ ومن أين جاءت؟وكان هناك كثير منهم -لا نستطيع الآن أن نحصرهم لكن العرب والمسلمين تنبهوا إلى كلامهم- من تعمد أصلاً أن يبحث وأن ينقب لكي يؤيد ما جاء في التوراة من أخبار الأمم الماضية، والبعض ينقب لأسباب علمية بحتة، على أية حال الجميع لما نقبوا وجدوا أن هناك تضارباً شديداً في الأقوال، وأنه لا يمكن أن تجتمع هذه الآراء على مسألة محددة؛ في مسألة أصل الحضارة وأصل الكتابة، ومَن بنى ومن شيّد هذه المباني العظيمة الهائلة المتبقية آثارها، كالأهرام في مصر أو المعابد أو القصور الموجودة في العراق وفي بلاد الشام وما أشبه ذلك.