السؤال: فضيلة الشيخ! كيف ترون الأولويات التي يجب على المربين والآباء التأكيد عليها وغرسها في نفوس الناشئة في مثل هذه الأزمات؟الجواب: في هذه الأزمات -وفي كل أزمة- يجب أن نبدأ الطريق من أوله, فلا بد أن يعلم أن واجبنا الذي خلقنا الله تبارك وتعالى من أجله هو الإيمان بالله تبارك وتعالى حق الإيمان؛ أن نؤمن به وكتبه ورسله وملائكته وباليوم الآخر حق الإيمان، ومن ذلك على سبيل المثال: الإيمان بالله يقتضي منا استحضار عظمة الله تبارك وتعالى, وأن نعلم الناس عظمة الله عز وجل, وأن نحاول بقدر الإمكان من خلال الكتاب والسنة والتأمل في الكون وغير ذلك أن نبين لهم أو نعلمهم كيف يقدرون الله تبارك وتعالى حق قدره في حدود ما يستطيعون؛ لأن المشكلة التي تعيشها الأمة الآن أحد جوانب الإشكال فيها هو تعظيم جانب العدو, وتضخيم قوة العدو, وتضخيم كل شيء يأتينا من جهة الغرب على سبيل المثال، بينما من عظم الله تبارك وتعالى حق تعظيمه, ومن قدر الله تبارك وتعالى حق قدره يختلف الأمر بالنسبة إليه، كما قال
خالد بن الوليد رضي الله عنه: [[
لما سمع رجلاً من المسلمين يوم اليرموك يقول: ما أكثر الروم! فقال: بل قل: ما أقل الروم وما أكثر المسلمين]]؛ فتصحيح النظرة إلى الإيمان بالله سبحانه وتعالى, وهذا موضوع طويل؛ لكن أذكره على سبيل المثال. كذلك فيما يتعلق بتصحيح النظر إلى مسألة الثقة؛ من الأمور المهمة جداً الثقة بالنفس, نحن لا نغالي ولا نبالغ ولا نتجاوز سنن الله تبارك وتعالى؛ لكن نحن الحقيقة نفتقد الثقة في أنفسنا، لو شئت الليلة لذكرت لكم أمثلة كثيرة جداً على إخفاقات
أمريكا المتوالية، ولكن يكفيكم مثالاً واحداً إخفاقها في
أفغانستان! من العاقل في العالم الآن يمكن أن يعتبر أن
أمريكا نجحت في
أفغانستان! كل العالم سمعوا
بوشاً و
رامسفلد ومن معه كثيراً يقولون: لا بد من
ملا عمر و
أسامة بن لادن أحياء أو أمواتاً وهم الهدف, ثم سمعنا جميعاً كيف تراجعوا وقالوا: لم يكونوا هم من أهدافنا, يعني: أن العنب حامض, عندما لم يستطيعوا أن يصلوا إليه، القضية قضية واضحة جداً.كذلك إخفاقهم في
الفلبين؛ هم أرادوا أن يتدخلوا بالجيش الفلبيني وحاربوا بالفعل ثم في النهاية لم يجدوا مناصاً من أن يفروا، أرادوا أن يتدخلوا ويحتلوا
الصومال أيضاً ثم في النهاية وجدوا أنه قد تتكرر هزيمتهم، هزائم كثيرة, أقول: لو أردت أن أقدم أمثلة فقط عن
أمريكا وما حصل لها من هزائم في
كوريا وفي
كوبا وفي
كولومبيا وفي
أمريكا الوسطى أشياء كثيرة لوجدنا أن الأمر حملة نفسية تشن علينا لكي نفقد الثقة في أنفسنا.على الجانب الآخر أين ثقتنا بالله سبحانه وتعالى؟ أين ثقتنا في أنفسنا المبنية على الإيمان بالله سبحانه وتعالى؟ ألا نرى كيف أن إخواننا المجاهدين في هذه البلاد وفي غيرها صمدوا وصابروا وقاوموا، لماذا لا نتوقع أيضاً أن تكون هذه الأزمة الحالية -على سبيل المثال- أيضاً بإذن الله تعالى مفتاحاً وباباً عظيماً للجهاد على أرض
العراق وهي أرض الجهاد, وأرض المعارك، وأرض الفتوحات من قديم الزمان. يجب أن نستعيد هذه الثقة، ولا ننظر للأحداث كما يريد الغرب أو كما يريد الأعداء أن ننظر إليها، أقول: هذا فقط كمثال للأولويات، فمن أهم الأولويات التي ينبغي على الدعاة والمربين؛ بل وعلى إعلام الأمة كله أن يوجه الناس إليها هذان الأمران على سبيل المثال:الأمر الأول: قوة الإيمان بالله تبارك وتعالى.الأمر الثاني: قوة الثقة والثبات أيضاً على الحق، وأن نتفاؤل بالمستقبل لهذا الدين, والشعور بأننا ولله الحمد الأعلون، والله تبارك وتعالى قد قال ذلك: ((
وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ))[آل عمران:139].ونحن الآن ولله الحمد لا نقول: إننا استكملنا شروط الإيمان المؤهلة للنصر الكامل, لكن الذي يرى حال الأمة ولله الحمد يتفاءل بأنا على طريق النصر, على سبيل المثال: اجتماع كلمة الأمة ووحدة نظرتها في هذه المعركة واعتبارها العدو عدواً، وبعث عقيدة الولاء والبراء تجاهه؛ هذا في ذاته نصر سواء سقطت البلدة أو الدولة الفلانية أو لم تسقط، أو قد تحررنا أو لم نتحرر، أو تحررت المنطقة الفلانية أو لم تتحرر، هذا في ذاته نصر، التفاف الأمة حول القيادات العلمية الشرعية الدعوية وابتعادها عن التنظيمات المنحرفة الوضعية مهما كانت هذا أيضاً من بشائر النصر وهو من دوافع ودواعي الثقة، أكثر من ذلك -هذا في محاضرة الانتفاضة لعلكم سمعتموها وربما يأتي الحديث عنها- العقل المسلم في الأرض المباركة الذي أصبح يطور ما تعجز عنه قوى كثيرة تملك الملايين والمساحات الواسعة والإمكانيات ويطورها بإمكانيات بسيطة ذاتية هذا أحد البشائر والدلائل على أنه يجب أن نكون واثقين في أنفسنا.في الجملة بمناسبة السؤال أقول:
من أهم ما ينبغي أن يبعث في الأمة في هذه الأيام هو الأمل والرجاء وقوة اليقين في الله تبارك وتعالى، وألا يكون لليأس إلى قلوبنا سبيلاً, أو أن نقنط من رحمة الله عز وجل؛ بل نجعل توكلنا عليه وحده, واعتمادنا عليه وحده, ونجتهد في الأخذ بالأسباب، فالله تبارك تعالى قد تكفل لمن أخذ بالأسباب مع الإيمان والتوكل بأن ينصره, (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ ))[الحج:40].