السؤال: فضيلة الشيخ! هل يرى فضيلتكم أن الدعوة لتفعيل مؤسسات المجتمع المدني هي واحدة من مظاهر التعامل الإيجابي مع الأزمات؟ وهل ترون مبرراً لتحرج الكثير من الدعاة والمثقفين من الحديث عنها؟
الجواب: أيها الإخوة الكرام! ينبغي أن ننبه إلى أن هذا المصطلح -مصطلح مؤسسات المجتمع المدني- قد يكون غامضاً عند كثير من الإخوة, وقد يكون غير مفهوم, وربما البعض أيضاً يرفضه, وينطبق عليه ما قلنا قبل قليل عن المصطلحات؛ لكن الذي أريد توضيحه هنا فقط هي مسألة المؤسسات العاملة في المجتمع المدني ... يدعيه الآخرون, وأنها غيبته, هب أننا غيبنا المصطلح, وأننا لم نسمه كما تريدون، فهل غاب فعلاً دور الدعاة والمصلحين والعاملين جماعات وأفراد ومؤسسات في المجتمع المدني؟! نحن لو نظرنا إلى هذا الشعار الذي صاغه العلمانيون وأشباههم لو نظرنا إلى واقع المجتمع من الذي الآن يشفق على الأرملة والمسكين والفقير؟! من الذي يجتهد في العمل الخيري؟! من ذا الذي يقوم بتقديم الخدمات للمجتمع في أوقات الأزمات؟! وهذا مما نوصي به ونؤكد به كثيراً حتى في الأزمة الحالية, من الذي يهمه دائماً التفكير في قضية المجتمع ككل؟! من ذا الذي يهمه تقديم النصائح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حماية وصوناً لهذا المجتمع؟! من الذي يهمه رفض أعداء هذا المجتمع وبيان خطرهم وضررهم؟! ومن؟ ومن؟ أسئلة كثيرة جداً لا نجد لهؤلاء العلمانيين وأمثالهم أي دور فيها, ولكن العاملين في الساحة الدعوية هم الذين -رغم كل الأحداث والمحن- لا يزالون يعملون, نعم هناك بعض التقصير؛ لكن كل جوانب أعمال البر والعمل الخيري، ومساعدة الشباب مثلاً: على الزواج وعلى العفة ومحاربة الرذيلة, وإيجاد المؤسسات التي تخدم كل فئات المجتمع دون استثناء، تقدم العمل التطوعي وهو أفضل أنواع الأعمال المؤسسية الخدماتية للمجتمعات، هذه -ولله الحمد- يقوم بها مئة بالمئة أهل الدين ومن والاهم.
وأؤكد على أنه حتى في الظروف الصعبة والمعاناة الشديدة بعد أحداث أمريكا وما يتعلق بها لا يزال الإخوة -ولله الحمد- يوصلون العمل الخيري إلى أنحاء العالم، والدعوة يقومون بها أيضاً, فرغم هذه المحن لا يزال الشباب المتدين -والحمد لله- يقوم بذلك, ولا يتحرج الدعاة أبداً من هذا, فهم قائمون به، وربما لا يسمونه بهذا الاسم لكن لا قضية لمجرد الاسم وإنما للحقيقة والواقع, وما كان هناك من تقصير فنرجو أن يتدارك, ولا سيما فيما يتعلق بالمؤسسات الأشمل والأوسع، مثل: إحياء الشورى في المجتمع ككل -بما يتعلق بعلاقاته- مثل إيجاد مؤسسات اقتصادية أكبر وأشمل وأبعد تأثيراً, وكذلك إيجاد محاضن تعليمية أكثر, وكذلك إيجاد وسائل إعلامية أقوى, لا بد من كل هذا, ونحن في الحقيقة نعترف بالنقص في أمور؛ لكن لا نقر لهؤلاء العلمانيين بقضية غياب الدين والدعاة عن مؤسسات المجتمع المدني كما يسمونها.