السؤال: فضيلة الشيخ! دائماً ما نرى ونسمع الخصوم والفرقاء من أرباب المصالح الدنيوية يجتمعون في مفاوضات ومؤتمرات وغيرها؛ لتقريب وجهات النظر, وتحقيق مصالحهم المشتركة, وغير ذلك, بينما لا زالت الحركات والقيادات والجماعات الإسلامية -دعوية كانت أو حركية- حوارها في أغلبه ضعيف أو منعدم إن لم يكن سلبياً؟ الجواب: لا شك أن هناك ما يستدعي العلاج؛ لكن أيضاً حجم المرض أو حجم الظاهرة ينبغي أن ينظر إليه بواقعية، وعلى سبيل المثال أقول: إن الواقع العملي أثبت أن مجالات العمل توحد أكثر مما توحده قرارات لأوراق أو اجتماعات قد تكون في مؤتمرات ومنتديات كثيرة جداً. ومن هنا تأتي أهمية ما يقدره الله تبارك وتعالى من الأحوال والأقدار في الكون، كقضية تكالب الأمم علينا, أو تواطؤ أهل الكتاب علينا, فهذا أدى إلى أن تتوحد الأمة الإسلامية توحداً كبيراً جداً من أجل صيانة الأخلاق؛ فهناك تشكي، وهناك طرح وعرض حلول كثيرة لهذه المشكلة, وهكذا، فالأحداث بذاتها هي من توحد الأمة؛ لكن بشرط أن نبتعد عن الهوى, وأن نتجنب حظ النفس, وكثير من أسباب ودواعي الاختلاف -كما أشرنا قبل قليل- أن نفقه فقه المجادلة بالتي هي أحسن في حق المخالف, وأن نعلم أن ما يجمع الإخوة العاملين في حقل الدعوة ومجال الدعوة إلى الله تبارك تعالى كثير. بل إني أقول عن تجربة: إن الأمة الإسلامية ...، وهذه أعظم ميزة في الأمة, حتى الآن لا تجرؤ فرقة إسلامية أن تكتب مصحفاً وتقول: هو القرآن كلام الله؛ بل تجد المسلم يدافع ويجادل وينافح, أما الأمم الأخرى فإنك تجد الكنائس الغربية تجتمع فتنسخ إنجيلاً جديداً, وتحذف وتعدل فيه؛ بل إن كثيراً من المفكرين والكتاب كتب بيده إنجيلاً ونشره, وإذا قارنته بأطروحات هذه الأمة فإنك تجد -ولله الحمد- أن القرآن لا يستطيع أن يتخطاه أي أحد. ومن هنا نقول: إن هناك مشكلة من ناحيتين: الناحية الأولى: من ناحية الهوى كما أشرت. الناحية الثانية: من ناحية قلة التجربة. ولعل الأحداث التي تصوغها التجربة وتزيدنا بها ثباتاً إن شاء الله أن يكون هناك فتح المجال للنقد والنقاش والحوار، ومن ذلك: ما ذكره واقترحه السائل الكريم، وغيره من الإخوة, ومثل: الطرح القوي لهذا من قبل عامة الدعاة وطلبة العلم، فهذا مما يجعل القادة والمسئولين يخضعون أو يرغبون في تلبية هذه المطالب؛ فتتوحد الأمة في أكثر أمورها بإذن الله تبارك تعالى.