المادة    
المقدم: وهناك أسئلة, ونقدم الأسئلة التي تختص بالموضوع. ‏
  1. ما يطرح من ضرورة التغيير ومواكبة العصر.. "التيسير" نموذجاً

    السؤال: فضيلة الشيخ! هناك بعض الأخوات بدأن يتأثرن بما يطرح في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة من ضرورة التغيير ومواكبة الواقع, وإن الناس سينفرون من الدين إذا لم ييسر ويسهل عليهم, وإن التيسير من مقاصد الشريعة, فما تعليق فضيلتكم على هذا؟
    الجواب: للجواب على هذا نضع بعض الحقائق وفقنا الله وإياكم! وهي: أن هناك حلالاً واضحاً, أو حقاً واضحاً, وهناك خطأ واضحاً أيضاً، ونادراً ما نختلف في هذه الأمور؛ لكن الإشكال والمعمعة الفكرية تقع فيما كان يحتمل الحق والباطل معاً أو يتداخل فيه، وقول علي رضي الله عنه: [كلمة حق أريد بها باطل], هي جانب من هذا، فممكن أن تطالب بشيء لنفسك وأنت محق في أهدافك, وممكن الآخر يطالب بنفس الأمر، وفعلاً المثال الذي ذكره الأخ أو الأخت السائلة هو نموذج لهذا.
    "التيسير" يمكن أن يقوله المربي الفاضل أو الأخت المربية الداعية الحكيمة؛ التي تريد أن ترتقي بإيمان الأخوات وترفعهن إلى درجة الإحسان والتقوى واليقين بإذن الله تعالى، فتأتي بالتيسير, كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليعلم اليهود أن في ديننا فسحة )، لكي لا نصدم مشاعر أناس جدد في الدعوة إلى الله نثقلهم بأنواع لا نقول: تكاليف؛ بل عبادات فينفرون منها؛ ولكن مع الأسف ممكن أن يستخدم هذا وخاصة في مرحلة الهزيمة، أي فكر ينشأ بعد مرحلة هزيمة تأنى فيه, ولا تأخذ به؛ لأن الهزيمة تولد داخلياً إشكالات، وقد درست هذه الظاهرة في جميع كتب الرجال تقريباً، كيف نشأ الإرجاء؟!
    كيف يأتي من يقول: العمل ليس من الإيمان؟!!
    لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أحد لا يعمل أبداً، حتى المنافقين كانوا يجاهدون ويخرجون معه صلى الله عليه وسلم للجهاد, وهم منافقون وليسوا مسلمين.
    لكن ما ظهر الإرجاء إلا بعد هزيمة ابن الأشعث ومعه مجموعة كبيرة جداً من العلماء, حتى قيل: لم يتخلف عنه أحد، قاموا من ظلم الحجاج فخرجوا وقاتلوا في أكثر من معركة ضد الدولة الأموية وضد الحجاج فهزموا، فلما هزموا قالوا: إن العمل ليس من الإيمان, والمفروض ألا نقاوم ولا نتحرك ولا نغير، وبدأت فلسفة.
    وأيضاً من أعظم ما يحتجون به ما قاله أنس في مواجهة الحجاج حينما شكوا إليه الحجاج، كما في صحيح البخاري قال: ( لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم ).
    الكلام هذا لو كان لما قاله أنس رضي الله عنه لم يعملوا ما فعلوا، لقالوا: إذاً نصبر على الفتنة، لازم القول هذا "أن تصبر" تقاوم بقدر ما تستطيع المقاومة الدعوية والإيمانية, حتى يستريح بر, ويستراح من فاجر، فلما قاموا مقاومة غير متوقعة وغير مطلوبة، وتعدت المقاومة نتج عن ذلك هزيمة على يد الحجاج وجنوده، ونتج عنها تبرير أنك لا تنكر, ولا تتحرك, ولا تخرج.
    وبدأت فلسفة ما يسميه شيخ الإسلام ابن تيمية "الطاعة الشامية"؛ أنه إذا ولى الله عبداً كتب له حسناته ولم يكتب علي سيئاته. وليس لها أصل, ولذلك الزهري رحمه الله واجه بها هشام أو الوليد قال له: أصحيح أنه إذا ولى الله عبداً - يعني: على الأمة- كتب له الحسنات ولم يكتب عليه السيئات؟ فقال له الزهري: يا أمير المؤمنين! أخليفة نبي أفضل أم خليفة غير نبي؟ قال: خليفة نبي. فقال: (( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ))[ص:26], فإذا كان الله تعالى قال ذلك لداود وآخذ داود فكيف بغير ذلك؟!
    الشاهد: أن التيسير على الناس إن كان من باب رد الناس إلى السنة النبوية -وليس التشدد؛ لأن التشدد الذي ينشأ على الخوف من المتغير؛ إذا زاد عن حد السنة المعقولة ينبغي لنا أن نخفف منه, ونرد الناس إلى الحنفية السمحة هذا نعم وحق؛ إذا كان من هذا الباب فجيد، ولا بد منه، ولا ينفعنا أنه جديد أو متغير جديد أننا نعمل ثورة ضده.
    ولعلي أضرب لكم مثلاً -عفواً الأمثلة قد توضح وتنشط أحياناً- كنا في الرياض -ودرست بعض الابتدائية في الرياض- وكان أحد الوعاظ غفر الله له ورحمه يعظ في المسجد ويقول: "السَّحَّاب الخلفي"، لا تعرفونه؛ لكن أمهاتنا يعرفنه, ويقول: إن واحدة ماتت تضع سحاب من وراءها كلما أتوا لدفنها وجدوا ثعبان أسود في القبر، ويحذرنا من "السَّحَّاب الخلفي".
    الشاهد: أن هذا التشدد غير المعقول قد يؤدي إلى أن يأتي جيل يكفر بالمواعظ كلها والعياذ بالله، فينبغي أن ننظر إلى هذه الأمور بمنظار الشرع.
    نقول إذاً: إن التيسير في الدين هو الاستقامة على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان، والآن موجودة نغمة أخرى -مع الأسف- وهي أن التيسير مدخل للتفلَّت من القيم، ومجتمعنا والحمد لله لا يزال محافظاً, فإذا ضخمنا وبالغنا قضية التيسير إلى حد التخلي عن هذه القيم لم يعد بيننا وبين غيرنا أي فرق، وعلى سبيل المثال: نحن هنا عندما ننظر إلى انتشار ظاهرة كشف الوجه، إذا قارنتها بـتركيا ترجع المرأة فتغطي جسمها إلا الوجه، وتعتبر أنه هناك صورة وسط، هنا طيب وهنا طيب, الحقيقة غير صحيح أبداً والنظرة هذه خطأ؛ لأن الفتاة هناك تدينت وغطت إلا الوجه, وقد تغطي الوجه, وموجود الغطاء في تركيا وغيرها والحمد لله.
    أخواتنا الصوماليات نشرن الحجاب الكامل في أمريكا والحمد لله, وإن الله ينصر هذا الدين بمن شاء سبحانه حتى بأضعف الضعفاء.
    الشاهد: إذا كنا نحن في هذا المجتمع على قيم راسخة وثابتة بأن غطاء الوجه هو الحجاب، وهذا هو الصحيح, وهذا هو المفهوم الشرعي الصحيح، ولا يمكن أن نقول قبل الحجاب عندما كانت الصدور مكشوفة والأعناق, وبعد الحجاب أصبح الوجه مكشوفاً فقط، لا أعتقد أن هذا منطق وليس هذا مجال التفصيل فيها، ولكن مجرد توضيح أن بعض الناس يظن أن الجامع المشترك هو أن هذا وهذا سواء، فالأخت التي تكشف وجهها في بيئة محافظة مثل بيئتنا وتخرج تخاطب أي أحد كاشفة الوجه، تعتبر مثل الأخت التي في إسطنبول بقوة وباحتجاجات شديدة استطاعت أن تغطي شعرها وجسدها!! هذا غير صحيح، انظر الدافع الإيماني الموجود, لا شك أن هذه لديها ضعف في الإيمان أو ضعف في الجانب العلمي الفقهي؛ لكن تلك لديها إيمان قوي دفعها إلى هذا, ولكن اتقوا الله ما استطعتم.
    فلا نقول: إنه من التيسير أن نترك المرأة تكشف وجهها، بالعكس نحن نقول القول الذي يعتقده الإنسان, ونعتقد أنه الصح والحق: أنه لا يجوز لك أن تتراجع عن ضغوط الواقع, وتقول: ما دامت خلافية ففيها قولان.
  2. تغير الفتوى وكيفية التعامل مع هذا الطرح المغرض

    السؤال: تغير الفتوى بتغير الزمان يطرح دائماً لإقناع الناس بتغير ثوابتهم, وهذا طرح نجده دائماً من الليبراليين والعصرانيين يقولون كلمة حق ويريدون بها باطلاً، كيف نتعامل مع هذا الطرح المغرض؟
    الجواب: طبعاً الليبراليون والعصرانيون وإن كان بعضهم لا يستحق أن يسمى لا عقلاني ولا عصراني، إنما هم في الحقيقة ببغاوات, وكل منهم ينعق خلاف الآخر، وتصنيفهم على أنهم منهج تعظيم لهم ولا يستحقونه؛ لأن كل واحد منهم له نغمته الخاصة. طبعاً ليست المشكلة في تغير الفتوى؛ لكن المشكلة هي أن يؤثر ذلك في عمل الفئات الدعوية.
    طبعاً "تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان". معناه: أن المجتهد الذي بنى أحكامه على نظرة لها مناط -المناط هو متعلق الحكم فأنت درست ظاهرة معينة وبنيت عليها الحكم من خلال هذا المناط- إذا تغير المناط تتغير الفتوى بالنسبة للمجتهد، والنصوص موجودة في الحالتين وثابتة، والقطعيات قطعيات في الحالتين.
    لنفرض مثلاً: أن أمراً من الأمور كان عندك نظرة فيه أنه من المحرمات، فرأيت أنت أنه ينزل -في هذا العصر وفي هذا الوقت وفي هذا الأمر- إلى منزلة الضرورات, "فالضرورات تبيح المحظورات"، فهو كان محظوراً عندك؛ لكن قلت بجوازه للضرورة, وإذا زالت الضرورة رجع الحكم؛ لأن النصوص موجودة ولا تتغير, وإنما غيرت رأيك؛ لأنك اكتشفت أن المناط غير المناطات، أو غيرت رأيك؛ لأنك وجدت أن المصلحة أكبر، ومعنى المصلحة ليست مصلحة الهوى، إنما نحن نقول: أخذت مجموع أدلة وجاءت عندك بعض الأدلة الشرعية -كلاهما أدلة، فمن أجل أن تُعمل عدد أكبر من الأدلة قدمتها على العمل ببعض الأدلة فتغيرت فتواك, وكثيرة جداً هذه القضايا الفقهية الطويلة.
    وليس المقصود بالتغيير: أن ما كان حراماً يصبح حلالاً، لكن مثلاً: تعليم البنات كان يراه بعض المشايخ حراماً, وقاومه بقوة، ثم رأى أنه لا بأس به, فالمشايخ هؤلاء لم يغيروا النصوص وإنما غيروا فهمهم للنص، فبعد أن رأوا أن التعليم جيد, أصبح بعضهم يسعى إليه, والبعض يمكن ما يرغم على ذلك؛ لأن هذا الدين أنزله الله سبحانه وتعالى ليُقِيم الواقع، لكن هؤلاء الناس يريدون العكس, كما عبر بعضهم: الدين للواقع، بمعنى: نرى واقع الناس ونأتي إلى الدين ثم نفصله حتى يتفق مع الواقع، لكن نحن نقول: إن الدين نزل ليغير هذا الواقع ويرتفع به.
    ما بين هذين العمليتين يوجد نقطة رمادية، عندنا الأبيض واضح, والأسود واضح، ودائماً في كل دائرة فكرية أو فقهية توجد منطقة رمادية نختلف فيها هل هي سوداء أو بيضاء؟ وهذا ليست هي المشكلة، المشكلة أننا نحسم موضوع الأبيض الواضح وهو الثبات على القيم الإيمانية والمحرمات القطعية, ولا تباح المحظورات إلى للضرورات.. إلى آخره، ونفرق بين المنطقة الأخرى؛ وهي أن الحرام بيّن, ويجب أن يجتنب, وكذلك الشبهات تجتنب ما أمكن, الحرام لا يجوز إلا للضرورة, والشبهات لا تجوز إلا للحاجة.
  3. تفسير اختلاف الفتوى في المسألة الواحدة عند بعض العلماء

    السؤال: فضيلة الشيخ! كيف تفسر اختلاف الفتوى من قبل بعض المشايخ؛ فما كان ممنوعاً في السابق أصبح مباحاً عند نفس الشيخ؟ الجواب: لعل الإشارة تقدمت لهذا، إذا كان هذا من تغير المناطات فلا إشكال، وإن كان من التأثر بضغوط الواقع التي لا تعني التأثر بالضرورات والحاجيات وإنما تعني التأثر الناتج عن ضعف الإيمان وضعف المقاومة فهذا خطأ.
  4. حضور الداعية المؤتمرات اللبرالية لأجل المناظرة

    السؤال: ما رأي فضيلتكم حول حضور مؤتمرات وندوات اللبراليات خاصة, وأنه يحضرها جمهور أحياناً لأجل الرد والمناظرة؟ أم الأفضل الاجتناب والاشتغال بالبناء فقط؟ الجواب: لا بد أن يكون عندنا دفاع وهجوم، ولا بد أن يكون عندنا من يترصد لهؤلاء, ولا أشترط الحضور، إذا استطعنا أن نقضي على هذا المنكر -أو نناظر وندحر حجتهم بأي شكل من الأشكال- فلا بد، وإن كان من ذلك الحضور. المقصود من هذا هو أنه يجب أن نقاوم وأن نناظر وأن نقيم الحجة ولا ننسحب من الميدان، الوسيلة والكيفية تلفت نظري إلى شيء مهم جداً، كما قلت في أول حديثي عندما آتي لمثل هذا المركز المبارك -أكون صريحاً معكم أنا لم آت لأقول لكم رأياً تتبعوه بالعكس- آتي لأشاوركم، ورأيي هذا من الممكن أنكم تعدلوه أو تصححوه في كل هذه القضايا. قضايا الدين والإيمان الحمد الله لا اختلاف بيننا، لكن في التعامل مع المتغيرات يمكن أن يكون لنا نظرة أفضل من نظرة, ورأي أفضل من رأي. وأنا أعتقد ولا مجاملة لكم أنكم بحكم التخصص, والأخوات ما شاء الله تبارك الله بحكم خبرتهن في العمل الدعوي النسائي، هن أفضل منا, وبإمكانهن إن شاء الله أن يمدونا بما يعيننا, وما نوصله إلى الجهات الأخرى.
  5. ظاهرة التبديع والتفسيق وموقف الداعية المسلمة منها

    السؤال: هناك سؤال يا شيخ! ورد كثيراً ودائماً ما تتكرر في أسئلة طويلة ومختصرة؛ يقول: ظهرت في الوسط الدعوي النسائي ظاهرة التحزب والتبديع والتفسيق للأسف عند بعض المنتسبات للعلم والصلاح, فما موقفنا نحن خاصة ممن اكتوين بذلك؟ هل نهملهم أم نرد عليهم أم نسعى للإصلاح؟ وإذا كانوا غير راغبين في الإصلاح فكيف نتعامل معهم؟
    الجواب: هذه القضية تكفيها الإشارة؛ لأنها داء وعقوبة لمن ابتلاه الله سبحانه وتعالى بذلك، هي أولاً عقوبة له.
    وأقول لكم من باب الأخوة في الله والمحبة والنصيحة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع عليها "النصح لكل مسلم": والله لا تجد أحداً ذكراً كان أو أنثى اشتغل بعيوب غيره حتى لو كان محقاً إلا وجد قسوة في قلبه.
    وكان السلف الذين نيط بهم هذا المجهود الهائل في تنقيح الأحاديث وتصحيحها والحكم على الرواة؛ يبكي أحدهم حينما يقول: فلان غير ثقة، وهو يعرف عبادته وزهده وأخلاقه فيقولها بحرقة وألم، لأنه يجب أن يدافع عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويبين أن الرجل هذا -مهما كان فيه من الجهاد والخير والفضل- في الرواية وفي الحفظ وفي الإتقان ضعيف، أو أنه ما أدرك فلاناً, وإن قال: عن فلان فهو ما أدركه، فيجب أن تبين هذه في حالة الضرورة؛ لحفظ دين الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما أن تستهل في حق إخواننا المسلمين الدعاة.. سبحان الله!!
    دائماً يجب ألا ننسى أنه هناك أحكام الآخرة, وهناك أحكام الدنيا -وهذه من عجائب هذا الدين أنه من عند الله، حتى كلام النبي صلى الله عليه وسلم- لكن ما يتعلق بالعمل المقرب إلى الله والمدخل إلى الجنة فهو مرتبط بالإيمان، ففي القرآن تجد: المؤمنين.. المتقين.. المصطفين الأخيار، أي اسم مدح من طبقة الإيمان فما فوق.
    لكن في حقوق العباد -وهذا الشاهد- أن الارتباط يكون بالإسلام فقط؛ كما في الحديث: ( حق المسلم على المسلم )، ( المسلم من سلم المسلمون لسانه ويده ).. إلى آخره. لماذا؟؟
    لأن الحقوق المتعلقة بالعباد رَاعِ فيها الجانب الأدنى، فما دام أنه مسلم أو مسلمة فلا تتكلم في عرضه على الإطلاق، هي منطقة محرمة: ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ).
    إذا كانت القضية قضية اختلاف وجهات النظر -أو ما أشبه- ممكن أن تقول الأخت الفاضلة: فلانة لي رأي يخالف رأيها، هي قالت كذا أنا أقول كذا ولا مشكلة، كما قال العلماء: نحن رجال وهم رجال، يمكن أن يقال مثلاً: نحن نساء وهن نساء، ليست هذه القضية, إنما القضية في الاشتغال بالعيوب أو التحزب لأشخاص أياً كانوا.
    نحن أمة واحدة, والعدو يتكتل عليناه كما ترون، العالم الغربي الآن يقتسمنا اقتساماً، بعدما أمريكا أخذت العراق وغضبت أوروبا أعطوها السودان ولبنان لـفرنسا، - وكل واحد يأكل بطريقته الخاصة؛ طريقة الأكل والخلسة مختلفة؛ ومع أنه ليست فرنسا ألمانيا... ألمانيا بروتستانتية تكفر الكاثوليك ولا تؤمن بالبابا, وتعتبره المسيح الدجال، و فرنسا كاثوليكية، وهذه لها أهداف, وهذه لها أهداف، وهذه احتلت هذه أيام هتلر؛ لكن الآن خطة ألمانية فرنسية واحدة علينا، كل العالم يتكتل على اختلاف أديانه وعلى اختلاف لغاته ونحن مع الأسف الشديد لا زلنا متفرقين.
    وحتى لو كانت الأمة غالبة مغلوبة فأنا أقول: إن أي إنسان يشغل نفسه بما لا خير فيه, ويشغل نفسه بشيء يقسي قبله فسوف يجد عاجل العقوبة.
    لا نحب أن نذكر ببعض الأشياء المؤلمة ولا نفرح بها، لكن أذكركم قبل عشر سنوات أو أكثر؛ راجت أشرطة ضد علماء ودعاة. اسأل الآن أين الذين روجوها!! اسأل من الذي انحرف منهم ولم يعد يعرف الصلاة ولا المسجد والعياذ بالله, ونسأل الله العفو والعافية.
    هل هناك عقوبة تتخيلها أنت أشد من هذا، لو جلد.. لو سجن.. لو ضرب.. لو أقيمت عليه الحدود؛ لكان أخف، لكن أكبر عقوبة يعاقب بها أن ينحرف عن الدين بالكلية؛ بينما كان يرى نفسه أهل للطعن في كل العلماء, وكل الدعاة, وكل المشايخ.
    أن تنتقل هذه الإشكالية للوسط النسائي مشكلة وكارثة؛ لأن الوسط النسائي ينبغي أن يكون فيه جانب الرقة والرحمة والرأفة أكثر, يجب كما نصحت أولاً أن نتعاون على طاعة الله سبحانه وتعالى، وكل أحد منا يزجر نفسه عن أي كلمة وأي شيء لا ينفعه في الآخرة.
    وهؤلاء الواقعون في هذه الإشكالية ينبغي علينا تجاههم ما يلي:
    ما يتعلق بحماية المجتمع منهم؛ فينبغي أن نبذل جهدنا في حماية المجتمع من هذه الأفكار بأبسط وأسهل ما نستطيع؛ حتى لا نحدث إثارات وبلبلات.
    ومن ناحية هؤلاء من تمحض منهم أو منهن لهذا البلاء نسأل الله أن يهديه, وأن يرده للصراط المستقيم وندعو له، ولا نناظره, ولا نرد عليه أبداً مهما قال, ومن كان لا يزال قريباً فيمكن أن يجتهد معها البعض ويدعها البعض.
    لكن المهم حماية الأجيال المؤمنة, وحماية مسيرة الصحوة المباركة من هذا النوع، الذين أقل ما يقال: أن كل من يتكلم فيه فهو من باب قول الله تبارك وتعالى: ((تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ))[البقرة:134].
    ولو كان الله تعالى يسألني عن عيوب الناس لكانت كارثة، والمشكلة في عيوبنا التي نسأل عنها، وثقوا يا إخواني! أن أي عامل لله بإخلاص لا يمكن أن يشغل نفسه بغير عيوبه وبغير ذنوبه.
  6. كيفية حماية الداعيات المبتدئات من ظاهرة التفسيق والتبديع

    السؤال: يا شيخ! بالنسبة لموضوع التبديع والتفسيق يوجد بعض الأخوات والنساء خصوصاً المبتدئات فيهن عاطفة, فكيف تكون حماية هؤلاء, وقد تكون هناك أنشطة ومن خلالها تطرح مثل هذه الأمور؟
    الجواب: مثل هؤلاء المبتدئات أو حديثات العهد بالتدين نوعان:
    النوع الأول: نوع بطبيعته يميل إلى الحدة والعجلة, ولديه مشكلة يمكن من الصعب علاجها.
    النوع الثاني: نوع آخر فقط من باب أنه مغرر به يعني: أنه تأثر, فنحن نعمل مع هذا ومع هذا بما يناسبه.
    والأدواء سواء كانت أدواء للبدن أو المجتمع قد تذهب المرض؛ لكن يبقى في الجرح ندبه، هذا قدر الله سبحانه وتعالى، فيه طائفة ((وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا))[الأنعام:25].. هؤلاء موجودون ولا بد منهم، لكن هذا لا يجعلنا نيأس، فكثير من الناس بهم نوع من التغرير, ونوع من الجهل, ونوع من المجازفة.
    بمعنى آخر: الإعداد الإيماني الصحيح المتدرج في المراكز التربوية وفي البيوت هذا يجعل الإنسان أو الفتاة تعيش في عالم آخر، يستنكر هذا لمجرد أن يسمع عنه ولو كان في حق عامي.
    الله سبحانه وتعالى لما وضع هذه الزواجر، فمن قال لأخيه: يا كافر! والعياذ بالله كلمة خطيرة جداً، ووضع زواجر في مجال العرض؛ إما أربعة شهود وإلا الحد في ظهرك، فهذه زواجر وحدود، ويترتب عليها دعاوى شرعية وأحكام، وكل ذلك حتى تنبهنا أن هذا الموضع موضع خطر، أما الكلام عن ظاهرة عامة فلو تكلم أحد عن البدع فهذا جيد, ونحن نشجع عليه, ودائماً نوصي الأمة بالسنة, وننهاها عن البدعة؛ لكن أن تبدع فلاناً بغير حق أو تكفره أو تفسقه أو تضلله لهوى، هذا هو عين التحزب -طبعاً كل كلامنا في دائرة أنهم الدعاة.
    وأنا أؤكد لكم أن هناك روافد أخرى لا تدخل في مجال الدعوة إلى الله، وهذه الروافد لا أحب الحديث عنها كثيراً, ولننتقل من الرافد المحلي لها إلى الرافد الخارجي، وأضرب لكم مثالاً فقط لأجل ضيق الوقت: أعتمد في الخارجية الأمريكية ما سموه هم "new salavism" "السلفية الجديدة" والسفلية بريئة من هذا، أعتمد هذا المنهج في الخارجية الأمريكية بوثائق وعُمم.
    فعُمم على القذافي وعلى الجزائر، وعمم على بعض الدول العربية, وتقبلته وأصبحت تحاول أن تعين الأئمة ممن يعتنق هذا الفكر، الذي يقول: إن أمريكا "أهل كتاب"، وأن طالبان مشركون، وأن القائمين في العراق لا خير فيهم, وينزل ذلك حتى يصل للدعاة، فهذا الفكر يعتمد غربياً على أساس أنه مطية يمتطيها أعداء الله سبحانه وتعالى، وتكفي هنا الإشارة.
  7. كيفية تعامل الزوجة مع تغير زوجها للانحراف أو ترك الالتزام

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما التصرف الأمثل الذي تعمله الداعية نحو التغير الحادث في حياة زوجها؛ كما لو ترك الالتزام أو أنحرف؟ الجواب: ينبغي أن نعلم قاعدة: أن كل أحد من بني آدم -إلا من رحمه الله- عرضة للانحراف، أما الذنوب فكلنا عرضة لها. المقصود: عندما نستشعر هذه القاعدة, ونعلم أن كل أحد يمكن أن ينحرف، فهذا يهون علينا ما نراه من بعض الإخوة والأخوات إذا رأوا من ضعف أو فتر أو قل إيمانه أو تمسكه بشعب من شعب الإيمان؛ فإن الحادث يأخذ أكبر مما يستحق، وبالتالي يكون نوع من الإحباط في معالجته، هناك حوادث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تأكد ذلك؛ لندع حادثة الردة، ونتكلم عن شرب الخمر مثلاً؛ أن يشرب الخمر من صحب ويصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يحب الله ورسوله!! معنى ذلك: أنه يجب علينا أن نراعي في هذا الزوج -أو الأخ المنحرف أو الأخت المنحرفة أو من ضعف أو فتر- هل هذا الفتور لا يزال معه شعب أخرى من الإيمان وثوابت موجودة أو لا؟ هذا يهون علينا الموضوع؛ لأنه قد نجد إن شاء الله شعباً أخرى, وقيماً أخرى, وحدوداً أخرى، أو أنه نوع من الانحراف والهبوط والضعف الشديد، مثل: توقف القلب فجأة, وهذه مشكلة والحمد الله هي قليلة ونادرة؛ لكن يمكن أن تقع. على أية حال القاعدة العامة في هذا: أن يكون كل واحد منا في حالة استنفار دائم، استنفار في الطاقة والقوة الإيمانية له ولقرابته ولمن حوله، لا نضمن انحراف الزوج أو الزوجة أو الابن أو الأخت، الفتن تتراكم وتتضاعف نسأل الله أن يعصمنا ويحمينا جميعاً منها، والقلوب بيد الله تبارك وتعالى يقلبها كيف يشاء، ودواعي الإغراء والانجذاب إلى الشهوات والدنيا وما أشبه ذلك كثيرة جداً؛ لكن من حكمة الله تبارك وتعالى ومن رحمته -كما في الطب البشري وكذلك في أدواء القلوب- أن الغالب والمعروف أنه يصحب أي مرض مقدمات، وإذا أمكن بإذن الله تبارك وتعالى كما هو الحال مع أبداننا أن نتدارك أي مرض في بدايته؛ يعني: الحمد الله أكثر الناس لا يذهب للمستشفى إلا لأجل ذلك ويتعافون بإذن الله. المقصود: أن نتدارك أي شيء من بدايته، الإيمان قد يبدأ بنوع من التساهل في بعض المعاصي, وقد يبدأ بنوع من الشروع في بعض العلاقات المحرمة، وقد يبدأ في التهاون ببعض الطاعات ثم ينتهي إلى غير ذلك، إذا نحن ضبطنا أو حاولنا أن نضع "الحد الأدنى" الذي إذا وصل إليه المرض أو الانحراف؛ أعلنَّا هذه الحالة من الاستنفار فالحمد الله، ويمكن ضبط ذلك. والاستنفار يكون بطرق كثيرة، كالتأثير -ولنفترض حالة الأخت أنه الزوج- عليه من طريقها هي؛ أو من طريق الأهل.. الأقارب.. المعلمين.. المربين.. الأصدقاء؛ لأن كل أحد هناك من يَتَأثر أو تَأَثر به، وهناك من يستحي أن يعلم أنه على هذه الحال، لكن لا يكون على سبيل التشهير والفضح, إنما كل أخت فهي أعلم الناس تقريباً بمن يتأثر به زوجها، ومن يستحي منه زوجها, ومن يمكن أن يكون سبباً لهدايته من الزملاء أو من المشايخ أو من غيرهم, في حالة الاستقامة أو قبل ظهور بوادر الفتور والضعف, فتأثر عليه أو تطلعهم بطريقة معينة بحيث يُحتضن الأخ، ويكون هنا واجبنا جميعاً ألا ندع أخاً منا للشيطان.
  8. مواجهة انفتاح الشبه والشهوات

    السؤال: فضيلة الشيخ! مع الانفتاح كثر نشر الشبه, وبعض الداعيات تقف حائرة في بعض المحاضرات فلا تستطيع ردها, فما هو الحل؟
    الجواب: عصرنا هو عصر شبهات وشهوات وفتن، ومع بالغ الأسف الشديد الذي أقوله: إن المحاضر الذي يقلي المحاضرة في مئات -ولنقل: في ألوف- يحتاج أن يرتب لها شهوراً -فالمحاضرة تذهب ثم تقر ثم ترجع ثم يوافق عليها ثم يلقيها في المسجد- لكن الضخ المستمر يومياً وفي كل ساعة وفي كل حين من مختلف وسائل الإعلام لا يتوقف على الإطلاق، بما فيه من شهوات وشبهات، وهذا يجعل العمدة والقاعدة التي يجب أن نقوم بها ونتأملها جميعاً هو دائماً "تقوية الإيمان", فلابد من تقوية الإيمان, وعوامل الإيمان, وحماية وصيانة المجتمع والأسرة والأبناء من هذا الشرور ومن هذه الشبهات وهذه الفتن، ومن هذا الباب كره العلماء -علماء السلف- مناظرة أهل البدع، فيخشى أن يقع في قبلك شيء, وأن تكون سبباً في نشر البدعة.
    وأنا أقول شخصياً: بعض ما ينشر في مواقع الإنترنت - التي لا ترتبط بإشراف دعوي- أو الإعلام، قد يكون مما يعين على نشر الشبهة، وإن كان في صورة من يغار أو يتحدث بها من باب الغيرة أو أن هذه الظاهرة انتشرت، لكن قد يؤدي إلى كأنه يسهم ويعين -بدون قصد طبعاً- ويحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا أو تشيع البدعة في الذين آمنوا، فلنتنبه لهذا.
    فمن صيانة النفس والأسرة والمجتمع الحماية من مجرد إلقاء الشبهة, أما إذا ألقيت فيجب الرد، والذي يعجز في هذه الحال لا شيء عليه, ولا ينبغي لمن لا يستطيع الرد العلمي القوي أن يتصدر فيرد؛ لأن كثيراً من البدع ما فتن الناس إلا ضعف الردود عليها، ولو أنها تُركت ولم يرد عليها لكان أهون بكثير، لكن عندما يرد عليها ضعفاء بمنطق ضعيف وبحجة واهية فهذا يؤدي إلا أنها تتأصل.
    الحمد الله الصحوة في خير كبير جداً, وأنا أذكَّر بشيء مهم: لو أردنا مقاومة كل هذا المتغيرات وهذه المشكلات كما ينبغي -أنا أخشى أننا نستعجل، والعجلة لا تؤدي إلى نتائج طيبة- فلنأخذ القضايا المهمات الأولويات ونرتبها ونبدأ بها ونستمر في التربية، حتى يتهيأ الجيل للرد على هذا الشبه والإشكالات -وسوف يتهيأ بإذن الله-، إذا نحن بقينا كما عملتم من تطوير المهارات والتدريب, وزيادة العلم الشرعي, وتعميم الفائدة.
    لا تجعلنا كثرة الشبهات الواردة ننسى أنه لابد من مقاومتها بأسلوب حكيم وبخطة مدروسة، كل أنواع المقاومة وأنا أركز الآن على المقاومة؛ لأن الأمة في حالة استنفار يجب أن يكون شاملاً في جميع الميادين، كل أنواع المقاومة الآن أبشركم أنها مباركة، وأنها تسير في خطى جيدة؛ بل تقطع وتحقق ما لم يمكن أن يحقق.
    لكن لا نستعجل!! فسواء كانت مقاومة شبهات أو شهوات أو مقاومة في الميدان الجهادي.. لا بد من الحكمة.
    بطبيعتنا البشرية نحن نستعجل, وهذه من أكبر الآفات في طريق الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ونتألم من المنكر ومن الشر أن ينتشر، لكن قد لا نوفق في معالجته بالطريقة المثلى، حتى الظواهر البسيطة التي لا يمكن لأحد أن يتوقعها.
    التدخين قبل أربعين سنة أو ثلاثين سنة كانوا يعظون الناس ويذكرونهم, وينهون عنه, ويكررون الكلام فيه, ويكرهون من يدخن، أساليب معينة كانت عجلة, وفيها جهد كبير؛ لكنه لم ينتج، الآن بدأنا نجد أنواعاً ووسائل كثيرة جداً في مقاومته، وهو داء مكشوف ومعروف نطاقه وإطاره كله تحت المجهر.
    الاستعجال من غير خطة راشدة واضحة ينبغي أن يتوقف الدعاة ذكوراً وإناثاً عنه، لكي تكون الخطة المحكمة الناجعة وفي نفس الوقت -الموضوع له علاقة بهذا- أن نصبر، فالله تبارك وتعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر: ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ))[الأحقاف:35], فالصبر دائماً مأمور به في أكثر من تسعين موضعاً في كتاب الله؛ لأنه لا بد من الصبر، ولا يعني الصبر: ترك العمل كما يظن بعض الناس، لكن تصبر على تحمل الثبات.. على تحمل مشقة الاستقامة والمواجهة، ولعلي أضرب لكم مثلاً حياً؛ لأن هذه الأمة تتفرد بميزات عظيمة جداً لكنها لا تدركها، وهذه من مشاكلنا: أننا لا ندرك الميزات التي أعطانا إياها الله تبارك وتعالى، وهذا يؤدي إلى ضعف الإيمان, ونحن كما قال الله تعالى: ((وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))[آل عمران:139].
    المقاومة في العراق حتى الآن لم تكمل عامين في مقاومة أعتى قوة في العالم، والتي جندت أكثر من ثلاثين أو أربعين دولة؛ لم تكمل عامين، ولو نقرأ تاريخ الحروب الصليبية، وحروب التتار، وقبل ذلك السيرة النبوية، فالسنتان لا تعتبر مدة كافية، لكن ما حدث في المقاومة العراقية لو أبعدنا عاطفتنا الأخوية والإسلامية وقرأنا التحليلات وماذا يقول هؤلاء؛ فسنجد تحليلات عالمية تؤكد أن المقاومة الجهادية في العراق مقاومة فريدة ولا نظير لها، لا غابات ولا جبال ولا وديان ولا غير ذلك, شعب مجاهد يحتمي بالشعب. مجاهد ضمن الأمة ومنغمس في الأمة, ويقاوم أعتى قوة.
    لم تستطع أمريكا على الإطلاق أن تحقق أي هدف من أهدافها، لا الاستراتيجية ولا العسكرية ولا الاقتصادية ولا أي شيء, وإخفاق كبير جداً، وأصبح من يفرض إرادته الآن هم المجاهدون، بل قال أحد المحليلين الأمريكيين: أنا رأيتهم في الليل الأمر بأيديهم, وفي النهار دباباتنا تتجول، لكن في الليل كل الموضوع بيد المقاومة.
    أنا أقول والله أعلم وإن شاء الله أن أكون مصيباً في هذا: إن من رحمة الله بنا وعلم الله ضعف إيماننا في هذا الزمان؛ أنه يعطينا براهين قوية على أنه معنا سبحانه وتعالى بشرط أن نتوكل عليه، ولكن أيضاً أن نعمل بخطة محكمة سواء في مجال الشبهات والشهوات أو في مجال الجهاد البدني.
    لاحظ مثلاً: لماذا نحن في هذه المسألة نفرق بين من يذهب من الشباب والصغار والمراهقين ومن لا يفقه إلى هناك، ونقول: لا تذهبوا؛ وبين أنه يجب دعم المقاومة هناك بكل أنواع الدعم، فرق بين هذا وذاك, هذا من الخطة وليس لأنه اعتراض.
    لكن قد يقول البعض والعياذ بالله: إنه لا مقاومة ولا جهاد، وهذا لا نقول: إنه مجرد تخذيل؛ بل أسوأ أنواع التخذيل يمكن أن يمارس ضد هذه الأمة؛ ألا تدافع عن حقها في الحياة, وحقها في الوجود ومقاومة المحتل!!
    لا نقول: الشرائع السماوية فقط؛ بل الشرائع الأرضية؛ بل الغرائز الحيوانية!! فالطير يرفض أن يدخل أحد على عشه ويأخذ فراخه وبيضه ولا يقاوم، ولا يتحرك بأي شكل من أشكال الحركة، فهذا غير معقول!!.
    لكن نحن نقول: مشكلتنا -ولهذا أوردت هذا الكلام- "الاستعجال"، فبعض الإخوان يسأل: بشروا كيف الأخبار؟ كم هي سنتان ليست شيء، مع أنك لو تقرأ فإنك تجد أن الحروب الصليبية بقيت حوالي قرن.. وكذلك لو تقرأ عن التتار.. الآن بالعكس الحمد لله في فلسطين وفي العراق وفي الشيشان وفي كشمير وفي أي مكان التوازن الآن بدأ، وهذه إن شاء الله مرحلة سنعيشها بإذن الله, ويشهدها من يمد الله في عمره، أما الأجيال بعدنا إن شاء الله فستراها.
    يبدأ الانتصار بالتوازن نوعاً ما، كان يوم بدر ثم يوم أحد ثم الأحزاب.. ثم اليوم نغزوهم ولا يغزونا بدأت، انقلب من حال الدفاع إلى حال الهجوم، وليس فقط الهجوم بمفهوم المعارك فقط الحقيقة: أننا نجد أن الإسلام ينتصر, أن الإيمان ينتصر, أن القرآن ينتصر، إذا كان بعد سنتين سيكون عندي خمسمائة ألف حافظ في العراق فهذا انتصار كبير جداً، وتأكدوا تماماً أن آثاره ستبقى لقرون.
    وهذه الأمة يا إخوان! ونقول هذا الكلام على سبيل التثبيت لا يقال: شهوات.. شبهات.. كلها ستمر وتبقى هذه الأمة خالدة بإذن الله، فقط نحتاج إلى إيمان ويقين وتوكل، الأمة دائماً تثبت، وعندما تصاب وتمتحن وترجع إلى الدين؛ فتذهب المحنة وتزول والرجوع إلى الدين باق، حين جاء التتار كانت الأمة في تردي وضعف وانشقاقات وانقسامات فنهضت، ولندع الآن النهضة الجهادية التي قاومت الصليبين والتتار، نهضت أيضاً نهضة علمية، النهضة العملية اليوم والصحوة الآن وكل الجهود العلمية أو أكثرها على تراث ما بعد الحروب الصليبية، انظر لـابن تيمية وابن القيم و ابن حجر و ابن كثير و ابن رجب و الذهبي وغيرهم، لكن انظر ما أُلف قبل قرنين.. لا تحب قراءته إلا قليل. الجيل الذي نشأ بعد الهزيمة, ونشأ في رحم المقاومة وفي إطار المقاومة الشاملة للأمة هو الذي نقله، كان ابن قدامة صاحب المغني على الميمنة مع صلاح الدين، ولذلك كتاب المغني غير الكتب الأخرى خاصة ما يتعلق بالجهاد والأحكام، وكلام شيخ الإسلام وجهاده أشهر من أن يعرف, وهكذا.
    أنا أبشركم بهذا؛ لأنه دائماً نجد أنه -مثلما تفضل الأخ أو الأخت السائلة- تكثر الشبهات والإشكالات، بينما أسوأ هذه الشبهات ما يتعلق بفرض الهزيمة النفسية علينا.
  9. ما حققته الحملة العالمية لمقاومة العدوان الصليبي

    السؤال: سؤالان يا شيخ! متعلقان بك:
    السؤال الأول: نود أن نعرف متى يعود موقع الشيخ للعمل؟
    السؤال الثاني: هل لكم أن تحدثونا عن بعض ما حققته الحملة العالمية لمقاومة العدوان الصليبي, لا سيما وقد مضى على قيامها فترة من الزمن خصوصاً فيما يتعلق بشؤن المرأة والأسرة؟
    الجواب: أنا لا أحب أن أطيل في موضوعات شخصية, وإن كان بعضها عام.
    الموقع ليس مثل موقعكم يريد أن يقدم شيئاً للناس بقدر ما هو تحت رغبة الإخوة, ونزولاً عند إلحاحهم, وهو أشبه بأرشيف علمي للنتاج السابق, فهو ليس موقعاً حياً متفاعلاً, حصلت فيه إشكالات فنية, نرجو أن تعدل قريباً إن شاء الله.
    بالنسبة للحملة العالمية: من الأمور التي أرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء مباركاً نافعاً فيها هو التواصل معكم في هذا، في الحقيقة كانت هناك فعلاً مرحلة معينة عشناها شهوراً لم ينقطع التواصل ولم ينقطع العمل فيها، بل كانت هناك اجتماعات بمعدل كل ثلاث أسابيع تقريباً, والإخوة يأتون من كل المناطق، وهناك والحمد الله إعداد وقد أعدت برامج لكافة اللجان, وبعض اللجان الفاعلة في الميدان الحمد الله بمستوى لا بأس به، لكن كل شيء يتوقف على المؤتمر وإعلان الحملة الذي حصل في قطر والحمد الله في الشهر الماضي بفضل الله سبحانه وتعالى، بعد ذلك سننطلق انطلاقة جديدة بإذن الله.
    ما يتعلق بالأسرة كانت خسارة وفاة د. خديجة بخاري رحمة الله عليها، -ولا شك أن الأخوات يعرفنها نسأل الله تعالى أن يرحمها, ونرجو من كل أخت أن تدعو لها ولجميع موتى المسلمين- كانت خسارة كبيرة بعدما كان من أنشط اللجان لجنة الأسرة، ليست المشكلة في البديل, فإن شاء الله فيه بديل وفيه بديلات، لكن الإشكال أنها جاءت في وقت نحن مضغوطون جداً بقضية المؤتمر، لكن إن شاء الله سبحانه وتعالى سيكون عندنا لقاء بإذن الله تبارك تعالى الجمعة القادمة 13 ربيع, إن شاء الله سيكون هناك نوع من العمل الجديد أو الاستئناف بشكل جديد.
    طبعاً أنا شخصياً -حتى تكون الصورة واضحة-كنت أميناً مؤقتاً.
    الآن إن شاء الله تطور الأمر بشكل أكبر وأفضل، وأصبح هنالك إمكانية للعمل أكثر لضغوط واقعنا وضغوط ظروفنا الخاصة، فلم نعد نمثل الأمانة في عمل مباشر مع اللجان, فقد حولني الإخوة -جزاهم الله خيراً- إلى مجلس الأمناء، لكن التواصل سيظل بيننا بإذن الله.
    وموضوع الأسرة أرجو وأناشد الأخوات جميعاً: أن يهتموا بهذا الشأن؛ أن يكون هناك اهتمام بهذه اللجنة، وقلت في المرة الماضية وأقول لكم: أي فتاة تتحجب وأي أخت تحفظ القرآن وأي مؤمنة في هذه الأرض تتمسك بشيء من فضائل الخير فهي مقاومة, وهي مع الحملة، فالحملة ليست عبارة عن إدارة تنفيذية أو توجه أو تعطي أوامر؛ بقدر ما هناك نوع من التوعية العامة, ونوع من تجميع الجهود التي هي موجودة وترتيبها وتهذيبها، ويمكن أن تكون بعض الجهود قد لا نحتاجها هنا في المملكة في بعض الأمور؛ لأنه والحمد الله الصحوة ظاهرة وكبيرة جداً, ونرجو الله أن يكون كل من خالفها شذوذ ولا عبرة به، لكن أنا أبشركم عندما تجد في دول مثل المغرب أو الجزائر أو نيجيريا.. أن الأشياء التي يمكن أن تعمل هي في الحقيقة تعتبر نقلة نوعية وتأثر قوي؛ لأنه كما تعلمون -وهذه ما أحب أن أطيل فيها- نحن عندنا مشكلة في الأمة الإسلامية؛ قبل أن نعمل أي عمل متفق عليه عندنا مشكلة الفرقة والانقسام، والنظرة أحياناً إلى بعض المناطق بالذات: نحن في البلد هذه نمثل نوعاً من العقيدة المتشددة التي تبدع وتكفر المسلمين وأنه كذا وكذا، بينما الجهة منفكة, كما يقول الفقهاء.
    هذه ليست قضايانا, هذه شكليات تعتمد على إجراءات فنية يمكن أن يتفق عليها؛ لكن فرضاً قالوا: نحن عندنا موضوع يتعلق بالمرأة.. فمن هنا نحتاج في الظواهر الجديدة إلى قضية الشورى, وتداول الرأي فيها, فيما قد قررنا فيه الرأي وانحسم أن نراعي كيف نطبقه والله تعالى الموفق.
  10. موقف الداعية من الإنترنت والدش

    السؤال: فضيلة الشيخ! من المتغيرات التي طرأت على مجتمعنا في السنوات الأخيرة الإنترنت والدش, ما موقف الداعية من هذين المتغيرين الخطيرين؟
    الجواب : نحن لا بد أن نصحح الأمر أولاً.
    إذا قلنا: الإنترنت أو الدش فمعنى ذلك: أن نفتح على أنفسنا إشكالية قد لا ننتبه لها، أول ما ظهرت هذه الفتنة كانت الفتوى تحريم الدش، وبعد ذلك وجدت قنوات طيبة ووسائل طيبة، فجاء بعض الإخوان فقال: هي طيبة يا شيخ! لكنها عن طريق الدش. ولا الله تعالى ولا رسوله ما حرم الدش، لنتكلم عن القضية في ذاتها.
    -قد نحتاج للنكتة أحياناً- حدثي أخ: أن أحد المحتسبين طرق الباب على رجل تخلف عن الصلاة -ليس محتسباً في الهيئة؛ لكنهم كانوا يتفقدون من يتخلف عن الصلاة, وهذه سنة جيدة- فدخل فإذا بذاك قد نام وتأخر عن الفجر والراديو مفتوح على القرآن. فقال: أوه؛ تأخرت عن الصلاة, وتسمع القرآن من آلة اللهو أيضاً. فاعتبرها جريمتين.
    ليست المشكلة مشكلة الآلة، لا الإنترنت آلة لهو، ولا الدش ولا الراديو آلة لهو، الآن هناك وعي عام والحمد الله؛ ولكن التنبيه للقضايا الفقهية؛ لأنها قد تفهم خطأ، وعي عام عند الأمة أن تفرق بين الموقع والموقع، الموقع المتميز الذي رأيناه الليلة مثلاً يشرح الصدر نسأل الله لهم التوفيق، فهو ليس مثل -ولا يقارن والعياذ بالله- موقع منحرف في بدعة أو في علمنة أو إباحة وإفساد، لا مقارنة أبداً, ذاك تحث عليه وتشجعه وتدعمه بقدر ما تستطيع وذاك ترفضه، بإمكان الإنسان أن يتخيل أنه بإمكانه أن يدخل إلى المسجد وقد أذن المؤذن، أو يذهب إلى أحد الأزقة والعياذ بالله, ويضع حبوب مخدرة أو ما شابه ذلك.
    الإنسان مكلف ومبتلى في هذه الدنيا ليطيع الله أو يعصيه، ((إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا))[الإنسان], وفي أي عمل يمكن أن يكون شاكراً أو كفوراً، يستخدم هذا في الخير أو في الشر، هذا لا يعني إلغاء الاحتياطات, لا, بالعكس، مما يوجب علينا ذلك الحذر إذا كان هناك من لا يستخدم هذه إلا في الشر أو يمكن أن يقع في الشر لصغر السن أو لعدم التربية، فلا بد أن تعمل الاحتياطات، إذا كان من الاحتياطات ألا تكون عندك فلا تدخلها، وأنا لست من الذين يقولون: لا بد منها، إذا الشخص لا يريدها فالحمد الله, ولا حرج عليه في هذا أبداً، ويمكن أن يعوض ذلك عن طريق شراء الشريط المسموع أو المرئي، فليس إجبارياً ولم نقل: إنه يجب، لكن إذا كان أحدنا يستطيع أن يضعها في حدود الجائز أو الواجب أو الفائدة فالحمد الله.
    فلم يجعل الله تعالى دواء هذه الأمة ولا حتى متعتها ولا راحتها فيما حرم الله عليها، بالعكس ما حرم عليها شيء إلا وضرره واضح, وأباح لها من الحلال ما هو واسع جداً والحمد الله.
    أو بمعنى آخر: إنها مثل المجلة أو الكتاب، فقد تشترى المجلة النافعة, وقد تشترى المجلة الضارة، وقد يشترى الكتاب النافع, وقد يشترى الكتاب الضار، فهي من جملة الوسائل؛ لكن كل وسيلة بحكم العملية الفنية لها طريقة في تضييق الشر أو إلغائه.
  11. لزوم الداعية (عليكم أنفسكم) في بيئة الفتن والمخالفات

    السؤال: فضيلة الشيخ! انطلاقاً من مبدأ حتمية التغيير: على نطاق واسع نجد الكثير ينادي: عليكم أنفسكم، فأنا معلمة في مدرسة تموج بالأخطاء والمخالفات الشرعية, وتضييع الأمانات, والدائرة تتسع والسفينة تكاد تغرق, فهل أسكت وأردد: عليكم أنفسكم؟ الجواب: علينا أنفسنا بمعنى: أن نقوم بواجب الدعوة إلى الله والاحتساب وإنكار المنكر، ولا نفهم من (عليكم أنفسكم) ألا تدعو, وهذه معروفة وأنكرها الصحابة ووضحوها من قبل. لكن أرجع إلى الأخت المعلمة فأقول لها: هل المجال فعلاً لا يمكن أن تعمل فيه؟ هذا سؤال وهي تجيب عليه, ويمكن أن تقول: لا. وممكن أن تعمل ولو على ضعف، الأهم من هذا: هل عملها الوحيد في التغيير هو المدرسة الموبوءة؟ أو الأسرة الموبوءة فرضاً! فبعض الأسر موبوءة, ونحن هنا لا نشعر بهذا, لكن في الدول الأخرى أو بعض المناطق تكون الأسرة كلها منحلة -الأجداد والجدات والعمات كلهم ما بين الشيش والدخان وترك الصلاة- إلا فتاة واحدة بينهم، ماذا نفعل، هل لا يوجد وسيلة؟ نقول: بلى, التواصل مع المجتمع ومع الأخوات الأخريات في مجالات أخرى يجب أن يستمر؛ لإصلاح هذه الأسرة أو المحافظة على رأس المال؛ وهو الإيمان، فلا يمكن أن نقول: ما دامت المعلمة في مدرسة لا تستطيع أن تعمل شيئاً إذاً لا أعمل شيئاً وعليكم أنفسكم، لا. نقول: يجب أن تفكر لماذا لا أستطيع أن أعمل؟ لماذا لا أستطيع أن أغير؟ وقد يكون التغيير من الخارج, قد تنقل هذه الصورة المزرية إلى من يستطيع علاجها بطريقته، ونحن في هذا المجتمع بالذات أحيينا سنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله. إذاً: هذه مدرسة اسمها كذا فيها مشكلات كذا وكذا فعلاً، ما دور إدارة التعليم؟ ما دور الوزارة؟ ما دور الهيئة؟ ما دور الدعوة في الحي؟ إلى آخره, من أجل أن ننقذ هذه المدرسة، فتكون إنقاذها بواسطة ما تكتبه وتوضحه الأخت أو تبلغ به من يهمه هذا الشأن، إذاً هناك مجالات إن شاء الله للتغير، دائماً هناك مجالات للتغيير.
  12. توجيه حول النهضة النسائية

    السؤال: فضيلة الشيخ! منذ زمن ونحن نتحدث عن النهضة النسائية, وإلى اليوم لم نر مناراتها, هل هناك خلل يا ترى في طرائق التربية والتوجيه الحالية أم أن المسألة مسألة وقت؟
    الجواب: إذا كان السؤال ينطلق من رؤية: أن كل ما نعمله فهو في دائرة التقصير، وحاجة الأمة إلى أكثر منه, فهذا صحيح، أما إن كان لا قدر الله في دائرة الإحباط, وأنه لا شيء, فهذا غير صحيح.
    ولنفترض أن المقصود هو الأول، يعني: لابد أن ننظر إلى أعمالنا نظرة التقصير والنقص، ولذلك ننصح كل أحد بالاشتغال بعيوبه، ومن ذلك: ألا يشتغل حتى بالدفاع عن نفسه إذا كان ذلك يجعله يدافع وينسى الدعوة، أو يؤثر على ضعف إنتاج دعوته، بمعنى: اغتنام كل فرصة, وكل وقت من أجل القيام بهذا الواجب بكل الوسائل؛ بالعلاقة الطيبة.. بالكلمة الطيبة.. بالإحسان.. بالمعروف.. بأي وسيلة، حتى الذي لا يجد شيئاً كالعجوز المقعدة التي لا تجد مالاً مثلاً ولا وسيلة لنصرة الدين، هذه عندنا لها باب ممتاز جداً, وهو الدعاء، وفي الحديث: ( إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم )، فنقول لها: صلي وصومي وتعبدي وادعي الله كل يوم، ادعي الله لإخواننا في العراق وفي فلسطين ادعي الله لمشروعنا أن ينجح, ادعي للمركز هذا أن يستمر، لا نستهين بالدعاء.
    إذاً: كل طاقة يمكن أن نوظفها, وكلنا سنظل في دائرة النقص، ولذلك هي ليست في حق النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة بالنقص الذي في حقنا.
    وحتى تتضح الصورة: فإن الله سبحانه وتعالى يريد أن بعضنا يبني على ما أثره عن الآخر، فالنبي صلى الله عليه وسلم بلغ الدين وأدى الأمانة والرسالة، ثم جاء الصحابة فقاتلوا المرتدين وفتحوا البلاد، ثم جاء التابعون وعلموا الدين لكثير من البلاد التي فتحها الصحابة.
    لاحظ كيف جهد يبنى على جهد, فالآن الحمد الله أنا أعتبر؛ لأن الموجود الآن أساس كبير جداً, وقاعدة قوية جداً لانطلاقة إن شاء الله على مستوى العالم.