المادة    
ولعلكم اطلعتم أنه من هذا اليوم بدأت طوكيو بتسيير قطارات خاصة بالنساء، طبعاً النموذج الياباني يعتبر نموذجاً متقدماً لكنه محافظ، ولا أحد يشك أنها أكثر تقدماً من أمريكا في المجالات الدقيقة الالكترونية، فمثلاً: أمريكا في عالم الفضاء لا تستطيع صناعة بعض الأشياء، والشركات اليابانية تصنع لوزارة الدفاع الأمريكية ما يتعلق بأخص قضايا الدفاع وتقدمها لها, لا يشك أحد في التقدم؛ بل كانوا يسمونها المعجزة اليابانية.
الشاهد: أن المجتمع الياباني حاول منذ أن احتك بالغرب أن يحافظ على قيمه، وعلى كثير من عاداته في اللباس بالذات زي المرأة، فهم مجتمع متفسخ طبعاً؛ لكن على قيم الشنتو؛ القيم البوذية، تجد نوعاً من المحافظة على الزي الوطني للمرأة في الأعياد, وفي الأكل، وفي النهاية وجد أنه بالفعل الذي يدمر اليابان اليوم هو انسياقه وراء النموذج الغربي في الربا والاقتصاد, وليس هذا موضوعنا؛ لكن هذا أخطر ما يواجه اليابان، وهذا الذي نحذر منه أي: التقليد والاتباع لهؤلاء؛ لكن الذي يميزها إلى حد ما هو أنها تعتز بقيمها، إلى حد أنها لا تبالي ولم يبالِ البرلمان الياباني أن يقولوا: أنتم في آخر الزمان مطاوعة تضعوا قطاراً خاص بالنساء أو أنه تميز ضد المرأة!!
لم يفكروا في هذا أبداً، بينما مع الأسف في مجتمعات عربية وإسلامية اتفاقية التمييز ضد المرأة مرعبة ومخيفة!
يتكلم عنها -أعني: المرأة- على استحياء؛ وهناك تحفظات عليها.. ونحن لا نقدر.. كمن يقول: هنا الطريق لكن!!
القضية قضية دين, وقضية إيمان, وقضية مواقف، حتى التجارب البشرية التي جعلها الله سبحانه وتعالى ماثلة أمام أعيننا, وأذكر أن وفداً أوروبياً جاء إلى المملكة قبل عشر سنوات, فذكر كيفية تميز وتفرد المرأة السعودية؛ لأنها لا تختلط بالشباب، المرأة السعودية متفوقة جداً في مجال التعليم, وقالوا: هذه تجربة فريدة ينبغي أن ننقلها.
وبالفعل يوجد جامعات وكليات في أمريكا غير مختلطة، وقد عملت تجارب على فصل البنين عن البنات، وعلى اختلاطهم معاً، فوجدوا أنه بقدر نسبة الاختلاط تكون نسبة الفشل في الدراسة.
المقصود: أنه حتى التجارب البشرية التي تجربها أمم لا تؤمن بالآخرة فـاليابان ليس في دينهم الأجر والثواب, ولا الإيمان بالآخرة، هي نوع من الحكمة الشرقية, حكمة عملية, وتجارب للعيش في الحياة فقط، ومع ذلك وجدوا أنه لا بد من وجود هذا النوع، ولا يهمهم ما يقال من التمييز والفصل؛ لأنه يحقق خيراً للمرأة؛ فنسبة الجرائم ونسبة التحرش الجنسي -كما يسمونه- نسب هائلة جداً في الغرب وفي أمريكا تجعلهم يفعلون هذا بدون أي تردد ولا لحظة واحدة.